فخامة الرئيس إعقلها وتوكل

عبد الكريم الخيواني

25.8.2004



قال الرئيس لصحيفة السفير اللبناينة في المقابلة التي أجراها معه الأستاذ طلال سلمان رداً علي سؤال... 26 سنة ألم تتعب؟ لا.. والله تعبان وأنا بعد نهاية الفترة الرئاسية ممكن أترك الرئاسة. ونفى أن يرشح نجله أحمد أو أن أحمد سيرشح نفسه.. وهذا أحسن كلام سمعته للرئيس في مقابلاته وخطبه وتصريحاته الأخيرة وما أكثرها.. . > الرجل تعبان ومن حقه أن يرتاح و،من حقه علينا أن نساعده على تحقيق ذلك ليختتم مشواره السياسي الطويل بإخفاقاته ونجاحاته وسلبياته وإيجابياته والتاريخ سيسجل له هذا القرار بأحرف من نور مثلما سيسجل إعادة ترشيح نفسه بعد 28 عاماً بأحرف من نار. > الرئيس لا شك يدرك أنه مؤخراً لم يعد يكسب شعبياً، ولا أعتقد أنه يصدق الجياع الذين يحشدهم المسؤولون خلف مواكبه في الحديدة والمحويت وإب وتعز ولحج.. وإذا كان ما قاله الرئيس عن عدم الترشيح مجرد جس نبض أرجو ألا تكون مسرحية خروج الجماهير هي التي سيعاد عرضها عشية الانتخابات الرئاسية باعتبار أن لا أحد سيتقبلها ويصدقها حتى الرئيس ذاته. > الرئيس وهو يقول هذا الكلام لا يبدو أن الأمر محسوم لديه.. لكنه لو قرر فعلاً فالقرار في منتهى الذكاء، وتأكيد على أن الرجل يعرف متى يترك الحكم فالفترة الحالية فترة استحقاقات خارجية وداخلية وفقر وإحباط شعبي لم يعد يجدي فيه مسك العصا من الوسط والتوازنات إياها، وهاهي أحداث صعدة تؤكد فقدان الحكمة واسترضاء أمريكا وخسارة السلام الأهلي والمخاوف التي بلغت حد ضرب البعض بالبعض.. ومحاسبة البعض على النوايا.. ومؤاخذة فئة على نسبهاالتي لم تعد ترى فيه مؤهلاً لغير المواطنة المتساوية.. في وقت لم يجد فيه.. الشيخ.. أوالإمام أو الملك.. أو مخلص اليمن كما وصفه طلال سلمان في مقدمة المقابلة.. -لم يجد- إلا إيكال أمر الفاسدين إلى الله عز وجل وكأن الفساد قضاء وقدر لا تنفع في مواجهته إرادة حاكم وضمير سلطة وعزيمة حكومة ودستور ونظام وقانون وقضاء نزيه وعادل.. قد يكون ما قاله الرئيس للفاسدين تعبيراً عن التعب فعلاً. > علي عبد الله صالح خلال فترة حكمه خبر الكثير وخبره الكثير.. كان يسمع ويناقش ويحاور ويرجع عن رأيه متى لزمت المصلحة ذلك، لكنه مؤخراً لم يعد مثلما كان.. المحيطون به رسمياً يحملون المعارضة السبب لشدة نفاقها ومجاملتها.. والمعارضة تحمل المحيطين به مسؤولية ما يحدث.. غير أن الواضح أن لا هؤلاء ولا هؤلاء يتمنون له الخير بإسداء نصح وتسديد رأي سليم وقول كلمة حق أو مراجعة قرار أو انتقاد ممارسة خاطئة.. إنهم قد يجيدون صناعة الفرعنة لكنهم لا يمدون لفرعون يداً عند الغرق.. من ينتقدون الفساد بقوة ولا يوفرون الرئيس هم من سينصفونه إذا ما ترك الحكم ولم يورثه ولكن ليس على طريقة «سياد بري».. > الرئيس تعب.. ونحن متعبون أيضاً ومن حقنا أن نشاهد تداولاً سلمياً حقيقياً للسلطة ونحاور الرجل بعيداً عن وساوس الأطماع والعطايا ونناقشه دون مخاوف العقاب والانتقام.. من حق الرجل أن يراجع حساباته بعيداً عن حساسية السلطة، مكاسبه وخسائره، وأن ينشغل ويقلق، ويكره ويحب، ويحزن ويفرح، دون أن يكلف الوطن والشعب شيئاً. > إذا كان قرار الرئيس جاداً فإن ثمة ترتيبات يجب اتخاذها من اليوم لضمان هدوء وسلاسة الانتقال وسلامته.. يشارك فيها كل الأطراف.. وليطمئن، ستظل الثورة والجمهورية بألف خير فالملكية ولت إلى غير رجعة فهي كنظام متخلف لا تخاطب غير غرائز أصحابها. وصدقني.. فخامة الرئيس: اعقلها وتوكل


25/8/2004 عبد الكريم الخيواني ( فخامة الرئيس إعقلها وتوكل )