الخميس، 24 نوفمبر 2011

الصحفى اليمنى عبدالكريم الخيوانى: الرئيس ونظامه يعتبران الصحافة العدو الرئيسى منذ 7 سنوات




صحيفة المصري اليوم 

Mon, 14/11/2011 - 16:5

تعرض الصحفى اليمنى عبدالكريم الخيوانى لرحلة من المواجهة مع نظام على عبدالله صالح، الذى لايزال ينازع أنفاسه الأخيرة، بدأت منذ عام 2002 تضمنت إغلاق الصحف التى يعمل بها والتعرض له بعمليات ضرب جسدى واعتقال ومحاكمات بتهم منها قلب نظام الحكم، ووصل الأمر بالرئيس إلى سبه فى واحدة من خطبه الجماهيرية. وطوال تلك الرحلة حصل «الخيوانى» على تأييد وتضامن الجبهة الداخلية اليمنية مما أدى إلى ضغط خارجى على النظام اليمنى من أجل فك قيود «الخيوانى» .

التقت «المصرى اليوم» مع الخيوانى، الذى ولد فى محافظة تعز فى العام 1965، ودرس الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة صنعاء، أثناء تواجده فى القاهرة منذ أيام، وأجرت معه حوارا تحدث فيه عن تلك الرحلة من مواجهة النظام ووأضاع الصحافة اليمنية قبل وأثناء الثورة اليمنية، التى لم تحسم نهايتها بعد.
يقول «الخيوانى» إن الرئيس اليمنى والسلطة بدأوا منذ أكثر من سبع سنوات فى إعتبار أن العدو الرئيسى لهم هو الصحافة وتم اعتبارها خطراً عليهم، لأنها بدأت فى التركيز على جوانب محددة تكشف طبيعة النظام وتشخص الواقع بشكل حقيقى وهو ما دفع السلطة إلى مواجهة الصحفيين بقمع شديد. مشيرا إلى أن المواجهة بدأت معه شخصيا بشكل مبكر فى عام 2002 عندما كتب مقالا فى «عيد الجلوس» فى شهر أغسطس، تحدث فيه عن تحول على عبدالله صالح إلى «إمام» بدلا من الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين، ليعتبر الرئيس المقال موجها ضده بشكل مباشر ويتعرض «الخيوانى» بعدها لأول محاولة خطف وضرب فى الطريق، كما تم إغلاق الصحيفة.
فى عام 2004 تولى «الخيوانى» رئاسة تحرير جريدة الشورى وتواكب معها اتجاه الجماعة الصحفية اليمنية إلى تناول القضية الأهم «كيف يحكم الحاكم» وتبدأ الجريدة بقيادة «الخيوانى» فى تناول الملفات الثقيلة مثل حقوق الإنسان والنفط وصلاحيات العسكر والفساد فى مؤسسات الدولة والتوريث. ويجد رئيس التحرير هذه المرة نفسه فى مواجهة محاكمة تتهمه بالإرهاب ومحاولة قلب نظام الحكم. ولكن التعاطف الشعبى مع «الخيوانى» فى الداخل يتصاعد هذه المرة ليجبر الدول الغربية على المطالبة بإطلاق سراحه وسط اهتمام واسع من الرأى العام الغربى بقضيته ليتنسم هواء الحرية من جديد.
يقول عبدالكريم الخيوانى إن السبب وراء تصعيد الصحفيين لقوة الملفات المطروحة فى الصحف بما يراه النظام معاديا له بشكل مباشر هو أن الصحفيين قرروا فى تلك اللحظة أن يأخذوا مسؤوليتهم تجاه اليمن وما يحدث فيها وسط رحيل مجموعة من النخبة السياسية والوطنية فى اليمن عن الحياة، منهم الجاوى والشمارى والمتوكل وجار الله عمر ومجاهد أبوشوارب، وساهم فى ذلك أن النخب السياسية الموجودة كان لديها تقاطعات مع النظام السياسى القائم تجعلها نفسها جزءاً من هذا النظام.
ويعتبر «الخيوانى» أن الدور الذى لعبته الصحافة فى مواجهة النظام السياسى بتناول موضوعات يراها النظام تهديدا مباشرا له، مثل الحرب فى صعدة والحراك السلمى فى الجنوب، كانت نواة لحركة شعبية جماهيرية ومهدت للسلمية التى وصلت إليها الثورة فى مرحلتها الحالية. فالحوثيون، الذين خاضوا قتالا مسلحا ضد نظام صالح، على سبيل المثال، انضموا للثورة السلمية وهم على تنسيق كامل مع الجنوب بما يعنى أن اليمنيين أصبح لديهم هدف واضح. مضيفا أن الاختيار السلمى هو اختيار ذكى لأن الدخول فى مربع السلاح يخدم النظام ويعطى ذريعة لصالح وأولاده لاستخدام العنف. مؤكدا أن الثورة لن تنجح إلا إذا تمسكت بسلميتها وتبتعد تماما عن أى فعل انتقامى يهدف إلى إثبات القوة.
تأثير الثورة على الصحافة اليمنية يراه «الخيوانى» مرتبطا بشكل كبير بأوضاعها ما قبل الثورة، قائلا: إن تلك الأوضاع كانت تنحصر فى إطار «الترغيب والترهيب»، فمن لا يصلح مع أسلوب الترغيب وتقريبه من النظام يتم ترهيبه، وهو ما خلق شروخا داخل الجسم الصحفى «كنا نأمل أن نتجاوزها مع بداية الثورة ولكن هذا لم يحدث بشكل كامل»، حيث وجدت الكثير من الصحف أن أفضل السبل لمواجهة الوضع الحالى هو الانصياع لظروف الواقع بالغياب، بعيدا عن الاصطفاف مع أو ضد النظام، واكتفى الكثير من الصحفيين بالتعليق على الأحداث على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك»، انتظارا للتأكد ممن سوف تؤول إليه الأمور فى نهاية المطاف.
ويضيف «الخيوانى» أنه ومع بداية الثورة غابت الصحافة المستقلة لغياب التمويل وهو ما أثر على أوضاع تلك الصحف اقتصاديا نظرا لغياب الجانب المؤسسى فى تلك الصحف قبل الثورة. ليتبقى فى الساحة بعد ذلك الصحافة الحزبية والصحافة الناطقة باسم السلطة، مشيرا إلى أنه فى مواجهة اختفاء بعض الصحف وفقدان أخرى لمصداقيتها نتيجة انصياعها لشروط التمويل ظهر بديل آخر فى شكل صحف ثورية تصدرتها مجموعات الشباب فى الميادين والساحات. وتتحدث تلك الصحف عن الثورة وإشكاليتها الموجودة على الأرض وتعبر بشكل أو بآخر عن هواجس الثورة عند كل الأطراف. ويقول «الخيوانى» إن تلك الصحف تجمع بين محرريها ممن لهم خبرة بالعمل الصحفى إلى جانب مجموعات من الشباب الثورى الذين لم يكن لهم سابق خبرة بالصحافة. مشيرا إلى أن تلك الصحف قد يستمر بعضها بعد انتهاء الثورة وقد لا يستمر البعض الآخر إلا أنها وفى كل الأحوال قد عوضت حالة غياب الصحافة المستقلة وسط تقاسم احتكار الخطاب الإعلامى بين السلطة والصحافة والإعلام الحزبى، الذى تتنازعه عدم الدقة لمهنية والولاء للسعودية.
يقول «عبدالكريم» إن أحد الأشياء التى قامت الثورة من أجل القضاء عليها هى «التبعية للسعودية والثقافة الصحراوية»، قائلا إن تلك التبعية تحكم الكثير من المعارضين وتعد سبباً لتأخر حسم الثورة، فالسعودية، بحسب كلامه، ترفض وجود ثورات فى محيطها العربى، ولا تعترف بحقوق وحريات المواطنين وتريد أن ترسخ هيمنتها بالشكل التقليدى المضاد لمنطق التغيير والتطور. ويضيف «الخيوانى» أن الثورة اليمنية هى أول ثورة تضم فى داخلها الثورة المضادة، موضحا أن هذا حدث مع انضمام قائد الجيش على محسن الأحمر إلى صفوف الثوار فيما يراه محاولة لضرب الثورة من داخلها. ويقول «الخيوانى» إن البعض داخل الثورة يرى الموافقة على انضمام قائد الجيش من أجل القضاء على نظام عبدالله صالح ثم النظر فى موقف على محسن. مضيفا أنه يرى أن هذا الموقف غير صحيح، لأن الثورة يجب أن يكون لديها أخلاق، فالانتصار على النظام لن يأتى «بالفهلوة» لأن صالح «أكبر فهلوى».