الخميس، 15 سبتمبر 2011

حصانه مدقدقه ..!!





حصانه مدقدقه - بقلم / عبدالكريم الخيواني


هل نكلف أعضاء مجلس النواب فوق طاقاتهم عندما نطلب منهم أن يتبنوا القضايا بقوة ويكون لديهم مواقف قوية من الفساد والتجاوزات، والانتهاكات الرسمية.. ربما..
هل نحن واقعيون عندما نريد أن يكون لدينا برلمان حقيقي ليس كالبرلمان الكويتي لكن مجلس  يحاسب،   ويحتج، ويمارس صلاحياته, ونواب يستطيعون سحب الثقه من وزير… ربما..
وكل مجلس جديد يأتي أضعف من سابقه.. لا تراكم.. لا تقاليد, والنواب لايخجلون من التصريح بضعف دور البرلمان..  مجموعة قليلة فاعلة داخل المجلس في قضايا, ولجان محدودة، وأفراد محدودين جداً يتفاعلون مع كل القضايا خارج الاحزاب، والحسابات،, والمخاوف من أبرزهم أحمد سيف حاشد، سلطان السامعي مدنيان من تعز… فاعليتهما، واراؤهما جعلتهما محل غضب رسمي مستمر، وتحت التهديد  بسحب الحصانة البرلمانية .. مايتعرض له سلطان السامعي من تهديد واستفزاز عقب موقف او رأي يعلنه يعكس وضع مجلس النواب ومكانته كسلطه تشريعيه.            
التهديد ليس حكرا على سلطان لكن تجاوزه هذه المره الى النائب حاشد الذي هدد بسحب حصانته البرلمانية أما السبب فاكتشاف  أن حاشد  انفصالي..
حاشد أكثر خوفا على الوحده من الذي نهبوا أراضي عدن باسم الوحده, وتعاملوا مع الجنوب كعزبة, ودورالنائب حاشد  الفاعل ونشاطه الحقوقي الممتد من صعدة الى الجنوب وانسانيته هي المستهدفه, لكنهم يسلبوك  شرف التهمه الحقيقيه.
حصانة حاشد بالذات (مدقدقة) لكثرة ما تعرضت له من انتهاك و اعتداء وتوقيف، وربما حاشد كاد أن ينسى أمر الحصانة لولا التهديد بسحبها، ولعله يعلم أكثر من غيره أن الحصانة البرلمانية في اليمن ما هي إلا ذلك الوهم الذي تشبه (عدة تلفون)  (سرحان عبد البصير)  في مسرحية)  شاهد ما شافش حاجة (ومطلوب من النائب ان يبقى خائف على العدة وهو يعلم ان التلفون بدون حراره., ثم هل بقى في الحصانه مايسحب؟
 التطور الملفت في التهمة ان الانفصال لم يعد حكراً لابتزاز أبناء المحافظات الجنوبية،… و أخيرنستطيع القول بأن لديناعدالة في توزيع التهم على الأقل.
بغض النظر عن طبيعية الاجراءات وقدرة الحزب الحاكم على سحب الحصانة البرلمانية بقوة أكثر من 25٠ «حصانا» فإن معنى السحب أن النائب لن يحتفظ بأي حقوق دستورية أو قانونية بعد سحب الحصانة أي أنه سيكون مواطن (بدون).. أي يقتحم منزله ويختطف، ويعتقل، ويزور مدارس أولاده ضباط الأمن السياسي، ويحارب في رزقه، ويصبح رأيه جريمة، ومعرفته جريمة، وبوضوح وبمعنى أدق سيصبح مواطنا يمنيا، دون حقوق، دستورية أو قانونية، وهذا هو حال اليمني والناشط في المعارضة وصاحب الرأي أكثر من غيره.
الحقوق «كاملة الدسم»، مثل الحصانة كاملة الدسم، كلاهما محصوران في أصحاب النفوذ، والجاه والسلطة، والقوة، والرضى الرسمي والراسخون في السلطة، أنا لا أنعي هنا حصانة برلمانية لنائب وانما أنعي مواطنة متساوية وحقوق وقانون وكرامة وأخلاق شعب ومجتمع، باعتبار أن الشيء مرتبط ببعضه المفارقه ان هذه الممارسات التي تضاعف القلق على البلد  والى اين يسير  يزداد الحديث عن جلب الاستثمار، وعن السياحة والسواح , وكأن هذه الممارسات  مقبلات  للمستثمرين، والسواح.. بل وتترافق  ايضا مع دعوة رئيس الجمهوريه لعودة البيض، والعطاس، وعلي ناصر، وكأنها لطمئنتهم على مستقبلهم كمواطنين , بالرغم ان تلك الممارسات أضافة الى قمع الحريات, و… أجلت وإلى أجل غير مسمى عقد منتدى المستقبل الرابع في صنعاء الذي كان سيحضره وزراء خارجية الثمان الصناعية الكبرى.
ان الأستهانه بالحصانه البرلمانيه, ماهي الا تقرير لواقع الأستهانه بالبلاد والعباد والقوانين, وهذا طبيعي في بلد يكون فيه الفساد اغلى قيمة من الأنسان..




  

عبدالكريم الخيواني في تحقيق عن آثار السيدة أروى





عبدالكريم الخيواني في تحقيق عن آثار السيدة أروى


إب محافظة سياحية بدون شك، جمال طبيعي ساحر، ومعالم تاريخية. لكن السياحة ليست مناظر طبيعية، أو معالم تاريخية فقط، بل للسياحة بنية ومقومات سياحية أخرى بدونها يصبح الحديث عن السياحة مجرد كلام، أو عبارة توضع على اللافتات عبارة "سياحي"، "السياحية" لا تخلو منها لوحة مطعم أو فندق في محافظة إب، لكنها في الحقيقة لا تعني شيئاً، وكأنها وضعت تجاوباً مع قرار رسمي أفاد بأن محافظة إب سياحية، دون أن ينبني على القرار أي تنمية لتجهيز بنية تحتية للسياحة، أما شعبياً فأن السياحة عبارة توضع قرين أسم كل مطعم أو فندق أو بقالة وهذا ما تؤكده مشاهدة الواقع.
عبدالكريم محمد الخيواني
بعض الأهالي يتساءلون: هل المقصود صون تراث الملكة أم البحث عن كنوزها؟
السياحة المهملة والآثار المهدرة والتراث المنهوب... إب نموذجاً
السيدة أروى... الملكة التي تنكر لها قومها
عاصمة الصليحيين.. لا فندق ولا مطعم لسائح
مطاعم إب تفتقر إلى الكرسي الجيد والطاولة، العامل المهندم، أدوات الأكل الصحي، النظافة الكاملة، هذا إن وجد الطباخ الممتاز، والأكل الجيد في بعضها. في مطاعم إب تنتهي وجبة الغداء الساعة الثانية ظهراً، ورغم حالة التغير والتوسع والعمراني الذي طرأ على إب، إلا أنها تتعامل مع زائريها كمسافرين، أو عابري طريق لا أكثر، شأنها شأن أي "مقهاية" على الطريق، على الطريقه التقليدية.
فنادق إب، رغم حداثتها، إلا أنه ينقصها الخدمة الفندقية والموظف الفندقي، وتلاحظ أنه ما أن تستلم مفتاح غرفتك بالفندق حتى تنقطع علاقتك كزبون بالموظف أو العامل، وتتحولا إلى متخاصمين لمجرد طلب أو استفسار. هذا للسائح المحلي، أما السعودي فهو سائح زواج سياحي لا يخجل من السؤال عن الزواج السياحي، ولا يستفز سؤاله الموظف اليمني، والزواج السياحي له سماسرته في إب، ومأسيه وضحاياه، والسائح السعودي لا يهمه في الغالب’ أثاراً أو طبيعة بل شقه ولحم آدمي وحيواني، لا أكثر.
أسماء الشوارع كلمة سرية لا يعلمها إلا الراسخون بالمدينة، أما المحافظة بكل أجهزتها فلم تكلف نفسها وضع لوحات تعريفية بالشوارع وأسمائها، ولم تضع خارطة سياحية للزائر، فتضع الزائر في امتحان ذكاء جغرافي بمجرد أن تطأ قدماه المحافظة السياحية.
تنتشر لوحات إعلانية عن متحف الملكة أروى بنت أحمد على طول الطريق المؤدية إلى محافظة إب، وتمتلئ بها الشوارع في المدينة، ولفرط كثرتها تكاد تعتقد أن السلطات اليمنية تخلت عن لامبالاتها بتاريخ اليمن وتراثه وآثاره السائدة في كل المحافظات اليمنية، واهتمت به في جبلة.
تحدث نفسك أن السلطة اليمنية التي أهدرت الشخصية والهوية اليمنية وأباحت التراث والأثار عموماً ربما قررت أن تحافظ عليها في جبلة، وتحث نفسك على تجاوز تشاؤمك، وتتذكر تاريخ الملكة أروى وعظمتها، وينتابك شعور وطني يدفعك باتجاه زيارة متحف الملكة.
في الشارع لا تجد ما يشير إلى الطريق نحو جبلة، وما على الراغب في زيارة متحف الملكة إلا أن يسأل المارة، ومن واحد إلى آخر تصل إلى مفرق جبلة المكتظ بالسيارات، والباعة والمارة، تتجاوزها إلى طريق بلا معالم ولا رصيف ولا إشارات، يتخلل الطريق السيارات والمارة والحيوانات ومخلفات البناء.
جبلة، عاصمة الملكة أروى والدولة الصليحية، لا شيء يميزها أو يدل عليها، صور الرئيس وعباراته هي الوحيدة التي تنتصب هنا وهناك، وما على السائح إلا السؤال مرة أخرى للتوجه نحو قصر ومتحف وجامع الملكة. تصعد طريقاً معبداً ضيقاً مخصصاً للصعود والهبوط معاً والناس والموترات، وتتساءل أما كان هناك إمكانية لشق طريق آخر للهبوط مثلاً، أو التفكير بحل ما للتسهيل على السائح باعتبار محافظة إب سياحية، وجبلة أهم معالمها؟!
ولحظة تصل إلى امام القصر ومتحف الملكة، يستقبلك المرشدون، والشحاتون، لتبدأ فصلاً سياحياً آخر.
وقبل أن تصل للمتحف تتساءل: لماذا افترض عباقرة السياحة والإدارة أن السائح الذي يأتي الى جبله لا يحتاج إلى فندق، وأن عليه أن يزورها سريعاً ويغادر المكان فوراً؟
ملكة بدون مُلك... ومتحف للوصية
يشير لك المرشد مباشرة الى قصر الملكة الذي هو عبارة عن أطلال تقف على واجهة عدد من الشغالات الحديدية قد أصابها "الذحل" لفرط وقوفها، ويبدو أنه لم يعتلها عامل يوماً ما، فلا شيء يدل على الترميم. والمرشد لا يعرف موعداً لانتهاء الترميم، لكنه يفاجئك بالقول إن القصر يحتوي على 365 غرفة كانت تنام الملكة في كل غرفة ليلة بدعوى الحماية الأمنية.
لا تناقش مزاعم الحماية الأمنية للملكة، لكن تستغرب من أن حجم القصر لا يمكن أن يحتوي هذا العدد الكبير من الغرف، فيقول المرشد إن القصر ليس ذلك المبنى بل مجموعة البيوت الأخرى، أي أن غرف الملكة كانت موزعة على بيوت (الحارة)، لكنها جميعاً قصر في تعريف للقصر خاص بالمرشد. لا بأس قصر قصر.. خذنا إلى المتحف، الإنجاز السياحي الأهم في إب.. المرشد مهذب ويعتقد أنه يتحدث 5 لغات، ما يعني أن هناك سواح من جنسيات مختلفة تزور جبله لكن معلوماته تحتاج إلى إعادة ضبط، ومعرفة أكثر بالملكة والقصر الذي، في الحقيقة، أعيد بناؤه مرات.
المتحف..
على مقربة من القصر ثمة بيوت ربما كانت لمستشارين أو قادة حراسة، لا يوجد تاريخ لبنائها، ولا تعلم سبب اختيار أحدها كمتحف بدلاً عن القصر، لكن ما على السائح أو الزائر إلا كتمان أسئلته والصعود إلى المنزل المتحف.
تدخل المنزل الذي يشبه أي منزل يمني قديم، لكنه كبير نوعاً ما... على شمال الباب من الداخل يقبع المسؤول عن المتحف خلف طاولة زجاجية لبيع التذاكر والخواتم وما تيسر من أوراق تم جمعها عن نسب الملكة وعهدها. وخلف الموظف صورة كبيرة لرئيس الجمهورية لا تعرف ما علاقتها بالمتحف والصليحيين والملكة. أما على يمين الباب فهناك شجرة نسب الملكة ثم أولادها، وألقابها، وبعض المخطوطات القرآنية. وعلى أول درجات السلم وصية الملكة التي تؤكد فيها على عقيدتها، وإيمانها وأوقافها، وما تعهد به. ويظهر بالوصية بجلاء مدى حكمة الملكة وشخصيتها المتميزة.
الوصية هي الشيء الوحيد بعد نسبها والقابها الذي يخص الملكة السيدة أروى، وما عدا ذلك فصور حديثة لكسوة الكعبة. تجد في الدور الثاني غرفة عن الحجامة، وغرفة عن الطب الشعبي وكير، وآلة لتقطير الزهور، ولاحقاً غرفة للطب الحديث، وصور وتماثيل للأطباء الأجانب في مستشفى جبلة، وطبل وطار، وتمثال فوق كرسي تراه فتخشى أن يقول لك السائح أنه للملكة والكل يرتدي ثياب قروية مهلهلة، وغرفة تضمنت كلمة شكر من الملكة لرئيس الجمهورية مع صوركبيرة للرئيس، ولا نعرف ما علاقة كل ذلك بالملكة، وأين ما يخصها، أو ما يخص عهدها، أو مملكتها الصليحية. لا يوجد ما يدل على نظام السقي وتوزيع المياه الذي تميز به عهدها، أو يدل على الرخاء الاقتصادي، أو شيء من ملابسها أو جواهرها، من سلاح جندها، مما يخص المكرم الصليحي.
المتحف مشروع خاص وجهد شعبي طيب في ظل قصور رسمي واضح، لكن هذا الجهد يغلب عليه طابع أستثمار الملكة ويكاد يكون بهذا الشكل تشويهاً للملكة وتاريخها لأنه يقدمها كملكة يائسة يتضافر معه شرح مشتت للمرشدين لتجد خليطاً من معلومات ومشاهد غير متجانسة.
تخرج من المتحف وأنت تشعر بالرثاء للملكة العظيمة ودولتها، وبالشفقة أكثر على شعب تاريخه وآثاره وتراثه مهدر من سلطته، وهويته وشخصيته الوطنية تتعرضان للمسخ، وتتأكد أنك ساذج إذا اعتقدت أن السلطة التي تبيح آثار معين وسبأ في الجوف ومأرب، ستحافظ على آثار وتراث السيدة أروى والصليحيين في جبلة.
جامع ومقام تحت رحمة السيل
الجامع والمقام قيد الترميم وسط خلافات بين مكتب الأوقاف والمقاول، وسط خشية من أن ينهار الجامع والمقام تحت وطأة سيل شديد، والملاحظ أن المقاول هنا ليس متخصصاً بصيانة الآثار، بل هو ضابط برتبة عقيد، ولا نعرف كيف حصل على المناقصة وما هي المؤهلات التي أرست عليه العطاء لصيانة وترميم آثار الملكة المغدورة؟ وتكلفة الصيانة والترميم أكثر من 200 مليون ريال يمني.
يزور جبلة سنوياً حوالي 16 ألفاً من أبناء الطائفة الإسلامية الإسماعيلية، يقدمون من خارج اليمن، فضلاً على سواح آخرين من جنسيات مختلفة، لكن ذلك كله لم يلفت نظر وزارة السياحة، أو الجهات المعنية الرسمية للاهتمام بهذه المنطقة وتأهيل بنيتها التحتية، وإيجاد مرافق سياحية، وصيانة وترميم الآثار لكسب مزيد من السواح والزوار.
يُقال إن الإهمال الرسمي المتعمد يدخل فيه حسابات رأي حلفاء السلطة من السلفيين والمتشددين ونظرتهم للطائفة الإسماعيلية المسلمة وآثار الملكة أروى والصليحيين، وهو ما أدى إلى إهمال وإباحة رسمية لآثار ومخطوطات تاريخ الملكة أروى التي تعتبر الملكة العربية الأبرز التي حكمت في التاريخ الإسلامي، واتسم حكمها بالقوة والنهضة الاقتصادية والتسامح، وعرفت برجاحة العقل والحكمة، وعرفت اليمن في عهدها رخاءً اقتصادياً، ونظاماً للري والسقي وتوزيع المياه. وتراث الملكة والصليحيين هو جزء من التراث اليمني والإنساني عموماً، ويجب أن تقدم الملكة وتراثها كنموذج يدل على عظمة الإنسان اليمني. وتنوع الآثار والتراث والمذاهب والأفكار والمناخ باليمن هو دليل على الجمال والإبداع، وتشير معلومات أن سلطان البهره قدم عرضاً للجهات الرسمية بتولي أعمال الصيانة والترميم على نفقته على غرار ما قام به في ترميم الأثار الفاطمية بالقاهرة إلا أن العرض أُهمل مراعاة، كما يقال، لحلفاء السلطة من المتشددين والسلفيين الذين يناهضون الملكة وتراثها وعهدها وعقيدتها العداء.
آثار الملكة أروى، ليست المهملة والمهدورة الوحيدة، فإهدار التاريخ والآثار والتراث صار سمة للنظام القائم، ويكفي دليلاً على ذلك البيان الذي صدر عن عدد من أهم علماء الآثار في باريس العام الماضي، الذين أشاروا فيه إلى أن آثار اليمن تتعرض لأسوأ مما تعرضت له آثار العراق بعد الاحتلال. ولم يهتز جفن للسلطة اليمنية مما جاء في البيان، وكأنها غير معنية بما فيه. النداء لم يوقف ممارسات طمس الهوية والشخصية اليمنية، فمن تهريب الآثار من شبوة والجوف ومأرب، إلى قصف مساجد صعدة وسفيان، ونهب المخطوطات الزيدية، إلى زعزعة أساسات الجامع الكبير بصنعاء بدعوى الترميم الطويل الذي لم ينتهِ، إلى تبديل خطباء الجوامع الزيدية، والصوفية بسلفيين، إلى توقف زيارات الهاشمي والعيدروس وهود/ إلى ما تعاني من اهمال وهدر مساجد ومدينة زبيد التي أدرجت في قائمة التراث الإنساني، والخلاصة أن الفساد لا يتوقف أثره على الحاضر، بل يمتد إلى تشويه ماضي ومستقبل أي مجتمع، وهذا ما يحدث.
تعود من جبلة متحسراً، فلا الأوقاف قامت بما عليها، ولا السياحة ولا الإدارة المحلية ولا المحافظة.. وما الإعلانات عن المتحف سوى مشروع خاص ربما للاستثمار ولإحياء ذكرى الملكة، وهو ما يفسر المبالغة في صور الرئيس بالمتحف، وكلمة الشكر الموجهة له من الملكة، وصورة الرئيس تغني عن الحاجة أن يكون المتحف متحفاً، وتعفي الجهات المعنية من إقامة متحف يليق بتاريخ وتراث الملكة السيدة أروى.
نبذة عن آثار الملكة:
القصر:
مر قصر الملكة بعدة أحداث عند تغير الدويلات في اليمن، ونذكر أنه تعرض للدمار وعدد من القصور على يد دولة بني زريع. وأعيد البناء مكان القصر مرة أخرى، وشيده الدور الثاني منه علي أبن المتوكل على الله إسماعيل ثم أحفاده في دولة المتوكل على الله إسماعيل، واستخدم لاحقاً كمقر للإمارة بشكل متعاقب. يتم ترميم القصر على نفقة صندوق التنمية الاجتماعي، وبدأ الترميم منذ عام، ويسير ببطء شديد. وتكلفة الترميم تقدر بـ135 ألف دولار أمريكي.
الجامع ومقام الملكة:
مر جامع الملكة بعدة متغيرات عانى الإهمال، إلا أن أهم الأحداث التي واجهها هي عام 1993 عندما أقدم جماعة من المتشددين الإسلاميين على تدمير الجامع والمقام، ونهبوا محتويات ذات قيمة كبيرة أهمها البوابة القديمة المزخرفة وعدد كبير من المخطوطات.
وقد تم إعادة ترميم الجامع والمقام على نفقة البهرة الإسماعيليين في ذلك الحين، ويتم ترميمه حالياً على نفقة الأوقاف بتكلفة 225 مليون ريال، إلا أن الترميم بطيء، ويُخشى أن ينهار المقام والجامع جراء السيول، لأن الأساسات مكشوفة.
مسبحة الملكة:
مسبحة الملكة التي عددها ألف حبة، وكانت موضوعة بالجامع، يقال إنها استبدلت، وإن المسبحة الموجودة حالياً بالمقام أو الجامع شبيهة بها.
بقية أثار الملكة تعرض للطمس.
البحث عن كنوز الملكة:
يسود اعتقاد لدى بعض الأهالي أن أعمال الترميم تستهدف البحث عن كنوز الملكة التي أشارت إليها في وصيتها أكثر مما تستهدف صون تراث الملكة.
************

نص وصية الملكة الحرة الصليحية السيدة أروى بنت أحمد بن محمد القاسم الصليحي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
هذا ما أوصت به أمة الله تعالى وأمة أوليائه السيدة ابنة أحمد بن محمد القاسم وعهدت أنها تحمد الله تعالى على آلائه المتواترة ونعمه الباطنة والظاهرة وتشهد أن لا إله إلا الله تعالى مبدع المبدعات وخالق المخلوقات جل وعلا أن تناله صفة أو تدركه معرفة وأن الخلائق في قبضته والأشياء صادرة عن أمره وإرادته ولا معقب لحكمته ولا راد لأمره وأنه العدل الذي لا يجور والحكم الذي لا يحيف والصادق الذي لا يخلف والعفو الذي لا يؤاخذ خالق السموات والأرضين وإله الأولين والآخرين ذو الأسماء الحسنى والكلمات التامات صدقا وعدلا، وتشهد أن له ملائكة انتخبهم من بريته وانتخبهم للسفارة بينه وبين المصطفين من أمته يسبحون الليل والنهار ولا يفترون ولا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون، وتشهد أن الجنة حق خلقها الله للمطيعين من بريته الخائفين من سطوته المؤمنين به المصدقين لوعده الموفين بعهده المتبعين لرسله العاملين بمتضمن آياته وكتبه، وتشهد أن النار حق أعدها الله لمن جحد أنبياءه وخالف أولياءه وأنكر آياته وتعدى حدوده وألحد في سبيله وتمادى في غيه وأسرف في أمره وأصر على كفره وأدى معه سبحانه إلها آخر لا إله إلا هو تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وتشهد أن البعث حق وأن القيامة حق والحساب حق والصراط حق وأن الله يبعث من في القبور ويحصل ما في الصدور وأن كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون.
وتشهد أن من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد.
وتشهد أن الله أرسل الأنبياء وبعث الرسل والأصفياء بكتب أنزلها وآيات فصلها رحمة لعباده وأمنا لبلاده إقامة للحجة وإيضاحا للمحجة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما جعلهم أسبابا للنجاة من الضلال وعرى وثيقة لمن تمسك بهم في المبدأ والمآل لا تفرق بين أحد من رسله وأنبيائه ولا تجحد واحدا من خلفائه وأوليائه، وتشهد أن أشرف الأنبياء عند الله قدرا وأعظمهم خطرا وأجلهم مكانا وأسناهم شأنا هو النبي العربي الهاشمي الأبطحي والسيد الأواه محمد بن عبدالله صلى الله وملائكته عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين صلاة متصلة إلى يوم الدين، وتشهد أن الله عز وجل اختصه بالاصطفاء وختم به عدة الرسل الأنبياء بعثه إلى أمة قد غلب عليها الخبال واستولى عليها الضلال واستحوذ عليها الهوى وغاب عنها الهدى فصدع بأمر الله جاهدا وقام بنصرة الحق مجاهدا فحطم الأوثان وأخمد بيوت النيران وأظهر أمر الله وهم كارهون، وتشهد أن أمير المؤمنين عليا بن أبي طالب صلوات الله عليه وصيه والخليفة من بعده نصبه عن أمر الله سبحانه يوم الغدير وأحله منه في ذلك وجعله لدينه قاضيا وعلى أمته واليا فقضى صلى الله عليه دينه وأحسن في الأمة تدبيره وحذا حذو رسول الله في سيرته وقام مقامه في إحياء سنته.
وتشهد أن فاطمة البتول الزهراء الإنسية الحوراء خامسة أصحاب الكساء والدوحة المباركة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء لا يجحد حقها إلا مارق ولا ينكر شرفها إلا منافق، وتشهد أن ولدها الحسن بن علي مفترض الطاعة بالنص الجلي من جده وأبيه وأنه مستودع مرتبة الحسين بن علي أخيه وأن الحسين بن علي تلوه في نص الإمامة وأن الكلمة باقية في عقبه إلى يوم القيامة، وتشهد أن الأئمة الطاهرين من ذرية الحسين بن علي قرناء القرآن وحجج الرحمن وأنهم نجوم أهل الأرض والذين بهم يقتدون وبعلومهم الواضحة يهتدون وأن الأول منهم ينص على الآخر والماضي منهم يشير إلى الغابر سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا وأن ذلك النص بتأييد الله وأمره لما سبق في سابق علمه اختيارا وانتجابا واصطفاء وانتخابا وأن أول الأئمة بعد الحسين بن علي صلوات الله عليه زين العابدين علي بن الحسين ثم باقر علم الدين محمد بن علي ثم الصادق الأمين جعفر بن محمد ثم الكلمة باقية في عقبه إلى يوم الدين إسماعيل بن جعفر ثم ذو الشرف الأصيل الإمام الحق محمد بن إسماعيل ثم الأئمة الثلاثة المستورون خوف أعداء الله الظالمين ثم الإمام المهدي بالله ثم الإمام القائم بأمر الله ثم الإمام المنصور بنصر الله ثم الإمام المعز لدين الله ثم الإمام العزيز بالله ثم الإمام الحاكم بأمر الله ثم الإمام الظاهر لإعزاز دين الله ثم الإمام المستنصر بالله ثم الإمام المستعلي بالله ثم الإمام الآمر بأحكام الله ثم الإمام الطيب أبو القاسم أمير المؤمنين نجل الإمام الآمر بأحكام الله أمير المؤمنين صلوات الله وبركاته وتحياته وكراماته عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين على ذلك عاشت وعليه تموت وعليه تبعث وبه تلقى الله وأوصت به من بعدها وبتقوى الله تبارك وتعالى وإيثار طاعته وبما أوصى إبراهيم نبيه يعقوب: "يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون"، وأوصت متى حدث بها حادث الموت الذي جعله الله حتما على عباده وساوى بين القوي والضعيف والمشروف والشريف عدلا في قضيته ونفاذا لحكمه في بريته أخرج عنها من جميع تركتها جميع الأشياء المسلمة الموصوفة في هذا الكتاب وهي الأشياء التي منها عصابة بيضاء فيها مائة حبة لؤلؤ وست وعشرون حبة لؤلؤ مفصصة واسطتها لؤلؤة لطيفة ويليها من يمين ويسار فصان أحمران ويلي هذين الفصين فصوص حمر وزرق وخضر وزن الجميع من ذلك ثلاثة وأربعون مثقالا.
ومنها عصابة ذهب أيضا منجمة بلؤلؤ في واسطتها فص ياقوت أزرق وثلاثة فصوص عن يمينه ويساره حتى انتهى إلى فصين أخضرين في الطرفين عدد لؤلؤه مائة لؤلؤة واحدة واثنتان وثلاثون لؤلؤة وزن الجميع من ذلك تسعة وثلاثون مثقالا.
ومنها عصابة ذهب مفصصة بفصوص منجمة بلؤلؤ قد انقطع من فصوصها فص عدد لؤلؤها مائة لؤلؤة واحدة وست وعشرون لؤلؤة وزن الجميع من ذلك ثمانية وثلاثون مثقالا.
ومنها قبلة لؤلؤ عدد لؤلؤها مائة لؤلؤة واحدة وتسع عشرة لؤلؤة بفرائد ذهب وزن الجميع من ذلك أحد عشر مثقالا.
ومنها ست وتسعون درة من جملة ذلك عشرون درة علامية وإحدى وتسعون فريدة ذهب وزن الجميع من ذلك أربعة وثلاثون مثقالا.
ومنها ست عشرة ضبة بفرائد ذهب وخيوط ذهب عدد لؤلؤها مائتا لؤلؤة وثمان وأربعون لؤلؤة وزن الجميع من ذلك ثلاثة وثلاثون مثقالا ونصف مثقال.
ومنها اثنان وعشرون لوح ذهب ولاجستان في الجميع من ذلك مائة حبة واحدة وثمان وتسعون حبة لؤلؤ بفرائد ذهب وزن الجميع من ذلك خمسون مثقالا.
ومنها ثلاث وعشرون ضبة أيضا بفرائد ذهب مفكن بخرز أخضر عدد اللؤلؤ ثلاثمائة وثمان وستون لؤلؤة وزن جميع ذلك أربعة وعشرون مثقالا.
ومنها أربعة أزواج أفلال ذهب ولؤلؤ ثمان وثمانون لؤلؤة وزن جميع ذلك عشرون مثقالا ونصف مثقال.
ومنها تركيتان لؤلؤ فيها ثمان حبات لؤلؤ في إحداهما حبة ياقوت حمراء وفي الأخرى حجر بلخش أحمر الوزن لجميع ذلك أربعة مثاقيل إلا ربع مثقال.
ومنها زوج مدارى فيه عشرة ألواح ذهب وهلال ذهب ورباعية ذهب ولؤلؤ عدده ألفا لؤلؤة وتسعمائة لؤلؤة وثمان وثمانون لؤلؤة وزن الجميع من ذلك مائة مثقال وواحد وتسعون مثقالا.
ومنها زوج شماريخ لؤلؤ أيضا وفيه عشرة خيوط لؤلؤ وأربعة ألواح ذهب وست رباعيات ذهب وخرصا ذهب وثلاثة مناوط وزن جميع ذلك اثنان وستون مثقالا ونصف مثقال.
ومنها زوج شماريخ لؤلؤ أيضا فيه عشرة خيوط ذهب مدار عليها لؤلؤ وعشرة مناوط وعشرة ألواح ذهب في أطراف المناوط حب ياقوت لطاف ما بين أزرق وأصفر وزن جميع ذلك مائة واحدة وأحد عشر مثقالا.
ومنها زوج شماريخ أيضا فيه ثمانية خيوط لؤلؤ وعشر رباعيات ذهب وخرصا ذهب مجدول أنفيهما خيطا قطن وزن جميع ذلك خمسة وأربعون مثقالا.
ومنها ذبابتان لؤلؤ فيهما اثنا عشر منوطا وزن جميع ذلك ثمانية وسبعون مثقالا ونصف.
ومنها جديلة فيها عقود:
الأول منها عقد واسطته ياقوتة صفراء ويليها فريدتا ذهب وفيها أربعة بيوت لؤلؤ في كل بيت سبعة خيوط وفي طرفيه ياقوتتان زرقاوان بفرائد ذهب.
والثاني خرز لؤلؤ واسطته ياقوتة زرقاء.
والثالث عقد واسطته ياقوتة صفراء ويليها من يمين ويسار زمردتان خضراوان وأربع فرائد ذهب وفيه أربعة بيوت في كل بيت سبعة خيوط لؤلؤ.
والرابع خرز لؤلؤ واسطته ياقوتة زرقاء.
والخامس عقد واسطته ياقوتة صفراء ويليها من يمين ويسار في الطرفين زمردتان خضراوان وفي أربعة بيوت في كل بيت تسعة خيوط لؤلؤ.
والسادس خرز لؤلؤ واسطته ياقوتة زرقاء بفردتي ذهب.
والسابع عقد واسطته زمردة خضراء ويليها من يمين ويسار ياقوتتان صفراوان وفريدتا ذهب وفي واسطته زمردة خضراء وفي جربان الجديلة ثمانية خيوط لؤلؤ وفي كل طرف أربعة خيوط برباعيتها وزن الجميع من ذلك مائتا مثقال وخمسة وثلاثون مثقالا.
ومنها خمسة قماري لؤلؤ مضموم بعضها إلى بعض:
الأول منها قمري لؤلؤ واسطته زمردة خضراء ويليها في الطرفين من يمين ويسار ياقوتتان حمراوان وفيه سبع وأربعون لؤلؤة.
والثاني قمري لؤلؤ واسطته ياقوتة حمراء ويليها من الطرفين من يمين ويسار ياقوتتان زرقاوان وست فرائد ذهب وفيه ثلاث وخمسون لؤلؤة.
والثالث قمري لؤلؤ واسطته زمردة خضراء ويليها في الطرفين عن يمين ويسار حجرا بلخش أحمران فيه أربع وخمسون لؤلؤة.
والرابع قمري لؤلؤ واسطته ياقوتة حمراء يليها من يمين ويسار ست فرائد ذهب فيه خمس وخمسون لؤلؤة.
والخامس قمري لؤلؤ واسطته زمردة خضراء ويليها في الطرفين عن يمين ويسار حجرا بلخش أحمران وست فرائد ذهب فيه خمس وخمسون لؤلؤة وزن جميع ذلك سبعة عشر مثقالا.
ومنها ست قماري لؤلؤ:
الأول قمري لؤلؤ واسطته ياقوتة حمراء ويليها عن يمينها ويسارها في الطرفين زمردتان خضراوان وست فرائد ذهب فيه اثنتان وثلاثون حبة لؤلؤ.
الثاني قمري لؤلؤ واسطته حجر بلخش أحمر ويليه في الطرفين عن يمين ويسار ياقوتتان زرقاوان وست فرائد ذهب فيه ثلاث وثلاثون حبة لؤلؤ.
والثالث قمري لؤلؤ واسطته ياقوتة صفراء ويليها في الطرفين عن يمين ويسار ياقوتتان صفراوان وسبع فرائد ذهب وثلاثون حبة لؤلؤ.
الرابع قمري لؤلؤ واسطته ياقوتة صفراء ويليها في الطرفين عن يمين ويسار زمردتان خضراوان وست فرائد ذهب فيه اثنتان وثلاثون حبة لؤلؤ.
والخامس قمري لؤلؤ واسطته زمردة خضراء ويليها في الطرفين عن يمين ويسار حجر بلخش وثمان فرائد ذهب فيه سبع وثلاثون حبة لؤلؤ.
السادس قمري لؤلؤ واسطته ياقوتة صفراء ويليها في الطرفين عن يمين ويسار ياقوتتان صفراوان فيه خمسون حبة لؤلؤ وزن الجميع من ذلك ستة وعشرون مثقالا وربع.
ومنها تسعة قماري لؤلؤ أيضا:
الأول واسطته زمردة خضراء بفريدتي ذهب.
الثاني واسطته زمردة خضراء بفريدتي ذهب.
الثالث واسطته حجر بلخش بفردتي ذهب.
الرابع واسطته زمردة خضراء بفريدتي ذهب.
الخامس واسطته حجرا بلخش بفريدتي ذهب.
السادس واسطته زمردة خضراء بفريدتي ذهب.
السابع واسطته حجر بلخش أحمر بفريدتي ذهب.
الثامن واسطته حجر خضراء بفريدتي ذهب.
التاسع واسطته حجر صفراء بفريدتي ذهب وزن الجميع من ذلك تسعة عشر مثقالا.
ومنها لازما لؤلؤ في أحدهما تسعة ألواح ذهب وفي الآخر سبعة ألواح ذهب وزنهما اثنان وعشرون مثقالا.
ومنها لازم لؤلؤ أيضا فيه ثمانية عشر لوح ذهب منظمة بلؤلؤ وزنه ستة عشر مثقالا.
ومنها دملجا لؤلؤ برأسي ذهب وزنهما اثنان وخمسون مثقالا.
ومنها خلخالا لؤلؤ برأسي ذهب وزنهما ثمانية وتسعون مثقالا.
ومنها شبكة إبر شيم منظومة بلؤلؤ مكللة بأهلة ذهب وزنها مائة مثقال واحدة وثلاثة مثاقيل.
ومنها لازم لؤلؤ ساذج فيه ياقوتة حمراء صغيرة وزنه ثلاثة عشر مثقالا.
ومنها شيالا لؤلؤ فيهما أربع جدائل ذهب وجديلتا ذهب وزن الجميع أربعة وعشرون مثقالا إلا ربع مثقال.
ومنها لازم لؤلؤ أيضا فيه ثمانية ألواح ذهب وزنه خمسة مثاقيل.
ومنها تاج ذهب مرصع بيواقيت ملونة ودرر مختلفة وزنه مائة مثقال واحدة وثمانية مثاقيل.
ومنها تسعة أسورة ذهب مزروعة.
ومنها عشرة أسورة ذهب مفتولة وزنها مائتا مثقال واثنان وتسعة مثاقيل ومنها سوارا ذهب لطيفان مزروعان وزنهما ثمانية عشر مثقالا ونصف وربع.
ومنها زوج خوص ذهب وفرد سار ذهب مفصص بفصوص ملونة وزن الجميع ثلاثة وسبعون مثقالا.
ومنها خوصتا ذهب وزنهما ثلاثون مثقالا.
ومنها دملجا ذهب وزنهما مائتا مثقال.
ومنها أربع عشرة دقة ذهب:
الأولى قاقلية بفرائد.
الثانية مار ذهب.
الثالثة دقة ذهب مشبكة واسطتها ياقوتة حمراء بأربع فرائد ذهب ولؤلؤة في ما بينهما.
الرابعة دقة ذهب سفرجلية.
الخامسة والسادسة دقتا ذهب متداخلتان.
السابعة دقة ذهب حسكية بفرائد.
الثامنة دقة ذهب قاقلية دقيقة.
التاسعة دقة حسكية بفرائد.
العاشرة دقة ذهب عمل الهند في طرفيها خمس عشرة حبة لؤلؤ.
الحادية عشرة دقة ذهب حسكية بفرائد ذهب أيضا.
الثانية عشرة دقة سفرجلية بفرائد.
الثالثة عشرة والرابعة عشرة دقتا ذهب أخريان.
وزن الجميع من ذلك ثلاثة وثمانون مثقالا.
ومنها ست عشرة دقة ذهب أيضا يضمها جربان حرير في طرفي الجربان أربعة خيوط لؤلؤ في كل خيط رباعي ذهب:
الأول من ذلك قمري لؤلؤ بواسطته ياقوتة صفراء وثمان فرائد ذهب وأربع يواقيت صفر فيه أربع وعشرون حبة لؤلؤ ويتلوه مار ذهب ويتلوها دقة حسكية ذهب بفرائد ويتلوها دقة ذهب قاقلية بفرائد ويتلوها دقة ذهب قاقلية أيضا ويتلوها دقة ذهب مشبكة فيها ثماني عشرة حبة لؤلؤ واسطتها ياقوت أحمر وأربع فرائد ذهب ويتلوها مار ذهب ويتلوها دقة ذهب قاقلية أيضا ويتلوها دقة ذهب مثمرة ويتلوها دقة ذهب حسكية في واسطتها ياقوتة صفراء وإحدى عشرة حبة لؤلؤ ويتلوها دقة ذهب مداخلة عمل الهند ويتلوها أيضا دقة ذهب مداخلة عمل الهند ويتلوها دقة ذهب مشبكة بواسطتها زمردة ويتلوها دقة ذهب قاقلية ويتلوها دقة ذهب مثمنة.. وزن الجميع من ذلك مائة مثقال وثمانية وأربعون مثقالا بالجربان.
ومنها ست دقق أيضا:
الأول منها دقة ذهب مشبكة واسطتها ياقوتة زرقاء وفيها ثمان حبات لؤلؤ وأربع فرائد ذهب وثمان حبات لؤلؤ ويتلوها مار ذهب ويتلوه دقة ذهب قاقلية بفرائد ويتلوها دقة ذهب حسكية بفرائد ويتلوها لازم ذهب فيه أحد عشر لوح ذهب في كل لوح حبة لؤلؤ وزن الجميع من ذلك ثلاثة وخمسون مثقالا.
ومنها ثمان دقق صغار:
الأولى منها دقة مشبكة بواسطتها حجر بلخش حمراء وثمان حبات لؤلؤ وأربع فرائد ذهب.
والثانية دقة ذهب مشبكة بواسطتها زمردة خضراء وثمان حبات لؤلؤ وأربع فرائد ذهب وفي الطرفين ثمان لآلئ.
والثالثة دقة ذهب حسكية بفرائد.
والرابعة دقة ذهب بفرائد.
الخامسة دقة ذهب مشبكة في الطرفين منها سبع حبات لؤلؤ.
السادسة مار ذهب.
السابعة دقة ذهب قاقلية في طرفيها حبتا لؤلؤ.
الثامنة مارة ذهب.
وزن الجميع من ذلك تسعة عشرة مثقالا.
ومنها ثلاثة لوازم ذهب دخنية وزنها خمسة وثلاثون مثقالا.
ومنها عشرة خواتم ذهب: منها أربعة فصوص ياقوت زرق ومنها اثنان بفصي ياقوت أحمرين أحدهما مصراني ومنها اثنتان بفصي ياقوت أصفر مصرانيتين ومنها اثنان أحدهما بفص ياقوت أصفر مربع والآخر بفص ياقوت أحمر مربع.
ومنها حلقتا ذهب إحداهما بفص ياقوت أحمر بهرماني والأخرى بفص ياقوت أزرق مربع.
ومنها حلقتا ذهب إحداهما بفص عين الهر مدور والأخرى بفص أزرق.
ومنها ثلاث حلقات صغار: إحداها بفص ياقوت أحمر لطيف والثانية بفص ياقوت أزرق مربع والثالثة بفص بقران.
ومنها خاتم عمل الهند بفص ياقوت أحمر صغير ويطيق به فصوص ما بين صغار وكبار وزن الجميع من ذلك مائة مثقال واحدة وخمسون مثقالا.
ومنها ثلاثة خواتم ذهب أيضا: أحدهما بفص ياقوت مربع أصفر والثاني بفص أحمر مربع والثالث بفص أخضر مربع وزن الجميع من ذلك اثنان وعشرون مثقالا.
ومنها اثنتان وعشرون رباعية ذهب معراة وخمسة مفاتيح ذهب لطاف وزن الجميع أربعة وعشرون مثقالا.
ومنها خلخالا ذهب وزنهما خمسمائة مثقال.
ومنها مار ذهب وزنه ثلاثة عشر مثقالا.
ومنها فص ياقوت أصفر مصراني وزنه ثلاثة مثاقيل وربع مثقال.
ومنها فص ياقوت أزرق مصراني أيضا وزنه مثقال واحد وسدس وثلث ثمن مثقال.
ومنها حبة ياقوت زرقاء مستديرة وزنها مثقالان وربع.
ومنها حبة ياقوت زرقاء علامية وزنها مثقال واحد وسدس مثقال.
ومنها حق صغير فصه فيه علامة شريفة.
ومنها عقد أيضا واسطته ياقوتة صفراء ويليها من جنبيها ياقوتتان زرقاوان بست فرائد ذهب وفيه أربعة بيوت في كل بيت أربعة خيوط لؤلؤ عدد اللؤلؤ مائة واحدة وثمان وعشرون لؤلؤة وفي طرفيه خرزتا مرجان حمراوان وزن الجميع من ذلك تسعة وعشرون مثقالا.


alnada




واقع الحرية وكلفتها... الثمن الباهض
عبد الكريم الخيواني
الأحد 11 يناير-كانون الثاني 2009 م06:59
________________________________________
  عنوان محور هذه الجلسة «أساليب حكومية غامضة تعوق صحافة عربية حرة» يعفيني من بذل أية محاولة     للإقناع بالواقع السيئ الذي تعيشه الصحافة الناقدة والحقوق المدنية، أو مدى التضييق على حرية الصحافة، أوالقمع والانتهاك الممنهج ضد الصحفيين وأصحاب الرأي والناشطين الحقوقيين في غالبية الدول العربية، وكون هذه القناعة قاسماً مشتركاً فإنها لا تعني التسليم بهذه الأوضاع وإنما السعي الجاد لتغييرها. ونقاشنا لواقعنا يأتي في هذا الاتجاه.
لم تأت حرية الصحافة صدفة في أي بلد وإنما نتيجة نضال وحراك ومطالبة وضغوط وتضحيات حقيقية، عبرت عن تطور اجتماعي وسياسي وثقافي. وهذا التطور والحراك في واقعنا يتصادم مع جمود النظام الرسمي العربي الذي قصارى أمنياته المحافظة على واقعه الراهن كما هو عليه كسمة من سمات وخصائص المنهج الوظيفي الملتزم به، ولعل ذلك ما يفسر حرصه على إفراغ أي عملية تطوير من مضمونها، والقبول بالتطوير والتغيير شكلاً ليعزز من شرعية أو استمرار أو مصلحة هذا النظام أو ذاك دون أن يؤدي إلى تغيير حقيقي في النتيجة .
هكذا أرادت (وتريد )الأنظمة الرسمية العربية: ديمقراطية لا تفضي إلى دولة مؤسسات؛ وانتخابات؛ لا تفضي إلى تداول سلمي للسلطة؛ وحرية صحافة لا تنتقد الفساد والأخطاء؛ ولا تحترم الحقيقة أو عقلية المتلقي، ومنظمات مجتمع مدني لا تؤدي وظائفها الأصيلة وتدافع عن الحقوق ولا تدين الانتهاكات....الخ، أي تريدها مجرد ديكور لا أكثر .
ومع الاعتراف بوجود استثناءات عربية محدودة؛ أود أن ألفت النظر إلى ما يلي :
  الوضع اللبناني المتميز بمناخاته المتنوعة وضع فريد عربياً، لكن التميز اللبناني لم يمتد إلى ما حوله، والخشية أن يتأثر لبنان بمحيطه الرسمي العربي فيتعرب كما هي الخشية على تجربة الكويت أيضاً .
إن عدم تسجيل حالات قمع عديدة في بعض الدول العربيه لا يعني ازدهار الحريات والصحافة الناقدة فيها، بل     يعني غياب الحراك الاجتماعي الواسع، وشدة القيود المفروضة، كما أن التوسع الإعلامي الموجه (رسميا) في كل الاتجاهات ليس تميزاً لدولة تضيق برأي مدون (فؤاد الفرحان، مثلا، الذي سجن بسبب آرائه في السعودية، ومحمد الراجي الذي سجن في المغرب واطلق سراحه في ماراثون محاكمة ربما تكون الاسرع في تاريخ القضاء المغربي ).
الدول العربية التي تسهب كثيرا في الحديث عن الإصلاحات الشاملة والمناخات الديمقراطية،والتعددية السياسية وحرية التعبير و.. و...الخ؛ هي أسوأ وضعا، ليس لأن واقعها يتناقض مع كل ادعاءاتها فحسب بل لإصرارها على كسب المصداقية لدى الآخرين بكذبها المكشوف، والمناورات الخفية (المفضوحة )، ناهيك عن غياب التنمية، وسجلاتها السيئة الموثقة في ذاكرة الشعوب، فتقارير المنظمات الدولية، تؤكد زيف دعاوى الديمقراطية و الإصلاحات .
على سبيل المثال لا الحصر: في تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" -باريس الصادر في أكتوبر الماضي حصلت اليمن على المرتبة الـ155 متراجعة بأربع نقاط عن العام الماضي وبعد الصومال بنقطتين، فيما جاءت مصر في المرتبة 146، وتونس 143، والمغرب 122، والأردن 128، وكلها دول تدعي الإصلاحات والديمقراطية والحرية، واحترام الحقوق، وماعدا الكويت ولبنان اللتان احتلتا المرتبة 61، و67 على التوالي بينما تذيلت السعودية القائمة بالمرتبة 160 من بين 163 دولة .
عموماً الديمقراطية وحرية التعبير والحقوق المدنية والصحافة الناقدة عربياً؛ كلها هدف رسمي للقمع، والانتهاك، والتنكيل، والتضييق المستمر، وهذا الوضع يتزايد سنويا بمعدلات مرتفعة وممارسات سافرة أفقدت الأنظمة التي تمارسها الاحترام، وأكسبتها توبيخاً دوليا،ً بل وتأثرت مصالح اقتصادية وسياسية جراء الإصرار على ممارسة القمع وسيادة الاستبداد، إذ يكتشف العالم يوميا أن الإصلاحات التي أطلقتها كثير من الأنظمة الرسمية العربية ليست إلا شعاراً ومحاولة للاحتيال من اجل الحصول على مساعدات أو قروض أو لتحسين صورة هذا الحاكم أو النظام خارجياً، وليس أمام شعبه الذي يقاسي ألم الفساد والاستبداد .
ورغم أن محاولات الاحتيال فشلت والصورة لم تتحسن، لكن ذلك لم يمنع النظام الرسمي هذا أو ذاك من التصميم على سياسة القمع والانتهاك بمناورات وتكتيكات لا تحتاج إلى فائض ذكاء لاكتشافها سواءً على المستوى المحلي والإقليمي أو على المستوى الدولي أيضا، وفي هذا السياق أورد ما أشار إليه تقرير مؤسسة بروكينغ في اكتوبر 2007م الذي قال: "نشأ في السنوات الاخيرة نموذج جديد من الحكم الاستبدادي في عدد من الدول العربية الرئيسية وهو نتاج التجارب والأخطاء أكثر مما هو مخطط مقصود، فقد تكيفت الانظمة العربية مع الضغوط لتحقيق التغير السياسي من خلال تطوير استراتيجيات لاحتواء وإدارة المطالبات بنشر الديمقراطية ".
ولابد من الإشارة هنا إلى أن الوسائل التي تم استحداثها تستخدم مع من لم تجد معهم الوسائل التقليدية وعرفوا بتعرضهم للقمع على ذمة الرأي وحرية التعبير .
لاحظوا معي أن معظم قضايا الصحفيين الذين اتهمو بالإرهاب أو التخابر أو الإساءة لسمعة البلاد سبق اتهامهم بتهم تتعلق بالنشر (سب وقذف وتشهير أو إهانة أصحاب الفخامة)، بل وصدرت بحقهم، أحكام قاسية كانت محل استنكار، واسع محليا ودوليا. وفي المرات التالية تحولت التهم إلى: التخابر، الإساءة لسمعة البلد، الإرهاب، أو تهم جنائية كوسائل تكتيكية بحيث لا يبدو النظام منتهكا للحرية وبما يتلاءم مع شروط المانحين، والنظام الذي يقوم بهذا التكتيك (المفضوح) يعتقد ببساطة انه جرد الصحفي الخصم من كل وسائل الدفاع، وجرده حتى من شرف التهمة، دون الانتباه الى أن الحيل الرسميه لم تعد تنطلي على احد كما يوضح ييان لجنة حماية الصحفيين بنيويورك (ان بعض الحكومات العربية ومنها اليمن صارت محترفه بتشويش الحقائق والمناداة بإصلاحات شكلية لوسائل الإعلام مصممة للاستهلاك العام ) وبالرغم من الحالات التي يمكن الاستشهاد بها في دول عربيه عديدة إلا أن التركيز سيكون على اليمن هنا ليس انحيازا لها بل للتعريف بالمشهد اليمني الذي هو في خلاصته مشهد متكرر ومألوف عربياً، فالنماذج السيئة تتناسخ وتتشابه في تفاصيلها حتى انني أثناء متابعتي لبعض التفاصيل عربيا وأنا أعد هذه الورقة قلت: يخلق من الشبه عشرين !!
تكتيكات ومناورات
إزاء الاحتجاجات الواسعة ضد قمع الحريات وسجن الصحفيين والاختطاف التي تطال مراسلي الوكالات والقنوات الفضائية، وحالة التضامن في الوسط الصحفي اليمني، ونتيجة لما يحظى به الصحفي المستهدف بالقمع والتنكيل من تضامن كبير مقابل ازدراء واستنكار ممارسات النظام السياسي، مما يلحق الضرر بسمعة النظام أو الحاكم العربي، وقد يؤدي إلى خسارة مساعدات وقروض من المانحين كما حدث مع اليمن مثلاً عام 2004م في قضية الحكم ضدي بالسجن لمدة عام بتهمة إهانة الرئيس ..
ونتيجة للضغوط الدولية للقيام بإصلاحات شاملة ووقف حملاتها القمعية لحرية الصحافة؛ لجأت السلطة إلى وسائل تكتيكية ومناورات، تمكنها من التنكيل بالصحفي وصاحب الرأى، كيفما تشاء ودون أن يكلفها سمعتها أو خسارة سمعة أو معونة أو دعم.. هاكم بعضها :
الإرهاب
بلغ الأمر حد استغلال الحرب العالمية ضد الإرهاب وأجوائها المرعبة ضمن تكتيكات السلطة ضد الصحافة الناقدة وحرية التعبير، مستعدية الدول المتقدمة على صحفي انتقد ممارساتها وكشف سوأتها فقط، فقامت بتوجيه تهمة الانقلاب على النظام ثم الإرهاب معفية نفسها من أي حرج أخلاقي أو أدبي مترتب على مداهمة قوات مكافحة الإرهاب منزل الصحفي وترويع أطفاله وانتهاك حرمة منزله .
ورغم رفض تهمة الإرهاب من قبل المجتمع المدني محليا وإقليميا ودوليا وإصرار الجميع على أن المتهم بالإرهاب هنا هو صحفي ومدافع عن حقوق الإنسان؛ فإن ذلك لم يمنع السلطة من الاستمرار في إقامة محاكمة طويلة انتهت بالحكم بالسجن 6سنوات، استنادا إلى أدلة "مادية"أدوات عمل صحفي عبارة عن مجموعة أسطوانات (CDs) تحتوي صورا ومشاهد للحرب (حرب صعدة) والمآسي الإنسانية التي خلفتها، طوال أربع سنوات إضافة إلى فقرة مكتوبة من مقال لم ينشر بعد عن "توزيع الموت بدلا عن التنمية"، و تسجيل صوتي لمكالمة تلفونية مع زميل صحفي عن وقف الحرب .
وعندما يأتي الإفراج عن الصحفي من السجن بعفو رئاسي، فإنه لا يعني الإنصاف أو انتهاء الرغبة في الانتقام، حيث السجن والإفراج مرتبطان بمدى الغضب أو الكراهية في قمة النظام .
أنا أتحدث هنا عن حالة محدده في اليمن، ولكن الحالة ذاتها قد نجدها في المغرب، مثلا، حيث يحاكم صحفي بتهمة الانتماء لخلية إرهابية، وحبس آخر لمدة ستة أشهر وهو الزميل مصطفى حرمة الله من أسبوعية الوطن الآن لأنه حصل على وثيقة قيل إنها سرية ونشرها وفقا لمقتضى عمله كصحفي، ولأنه رفض الافصاح عن مصدر الوثيقة .
المحاكمة أمام محاكم أمن دولة
بالرغم من أن القضاء غير مستقل، إلا أنه وإمعانا في إرهاب الصحفيين والمناورات الخفية، يتم محاكمة الصحفيين أمام محاكم أمن الدولة، فبالإضافة إلى قضيتي يجري محاكمة الزملاء نائف حسان ونبيل سبيع، ومحمودطه، على العدد الأول من صحيفة الشارع الذي صدر في يوليو 2007، والذي تضمن ملفا عن حرب صعدة، وذات المحكمة كانت أصدرت حكما بالسجن سته أشهر مع وقف التنفيذ على الصحفي محمد المقالح، بعد أن قضى شهرين سجيناً لمجرد أنه ضحك في جلسة المحاكمة .
تحويل القضايا إلى جنائية
تحويل قضية الرأي إلى قضية جنائية بدأت في اليمن عام 94م مع النائب البرلماني سلطان السامعي ناشر ورئيس تحرير صحفية «الحدث» آنذاك، قبل أن يعود ليتكرر الأمر مع النائب أحمد سيف حاشد ناشر صحيفة «المستقلة»، ثم مع ناشر صحيفة «الأيام» اليومية هشام باشراحيل، واللافت انه حسب تصاعد أنشطة النائب أو الناشر في التعبير عن رأيه تتحرك ضده القضية الجنائية عبر "عصبة أولياء الدم" وهم الطرف الآخر الذين لهم قضايا جنائية أو مدنية سابقة وشائكة وفي الغالب تم حلها، ولأن التجارب العربية تتناسخ فليس مفاجئاً أن تكتشف أن قضية الناشط الحقوقي محمد المسقطي في البحرين صارت جنائية، وهكذا يجد الصحفي نفسه مقحماً في تهم تبرر ضربه وخطفه، والاعتداء عليه، بغرض إسقاطه معنوياً في نظر الناس .
التحريض والتشهير وقذف الأعراض
لم يخل الخطاب الرسمي السياسي اليمني من لغة التحريض ضد الصحافة والصحفيين خاصة في المعسكرات وعلى لسان رئيس الجمهورية و كبار المسؤولين، وتكال التهم حد التخوين، فيما تقوم صحف صفراء ممولة من المال العام بتكرار ذلك ناهيك عن قيامها بالتشهير وقذف الأعراض الذي طال زميلات صحفيات وناشطات حقوقيات وصحفيين، غالبا ليسوا ممن في طرف السلطة، وعند اللجوء للقضاء فإنه لا يحرك تلك القضايا، ويدير هذه الصحف الصفراء في الأغلب أشخاص لا ينتمون للأسرة الصحفية، والحالات عديدة ومستمرة، وبالإضافة لذلك فهي تهدف إلى التشويش على القارئ كي يفقد ثقته بالصحفيين الملتزمين للمهنة والصحافة الحرة .

استخدام العقيدة
توظيف الدين لخدمة الأهداف السياسية أسلوب قديم، فلطالما كان الدين موظفا في القصر، واليوم مازال استخدامه قائما. ويتظافر ثنائي التكفير الديني والتخوين الوطني، ليصبا من السلطة ضد المغضوب عليه صحفيا كان أو سياسيا، ويستمر التحريض على ذمة المذهب أو الأيديولوجيا، كما هو الحال مع ناشر صحيفة "المستقلة" وثلاث صحف أهلية يمنية وصحيفة لو جورنال المغربية وصحف اخرى في دول أخرى وحوكمت الصحف في اليمن على ذمة إعادة نشر الصور المسيئة للرسول الكريم، مع أنها نشرت ذلك في معرض النقاش الرافض للإساءة، علما ان التحريض هذا كان المبرر الأبرز في حادثة اغتيال الشهيد جارالله عمر الامين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني عام 2002 باليمن. .
وما يواجهه المدون المصري كريم عامر ليس بعيدا عن ذات الأسلوب: توظيف الغيرة على الدين للانتقام السياسي.. وبذا يصيب هدفين في آن، إذ يخفض مستوى التعاطف الشعبي مع الصحفي او المدون باعتباره يتطاول على المقدسات وهي تهمة تشهيرية سهلة التصديق في مجتمعات ذات غالبية أمية تحركها التهم الملفوفة بالغيرة على الدين، ويصفي حساباته السياسية دون التطرق لها، ويبلغ الأمر ذروته في التحريض على الصحفي بتهمة الكفر كي يكون في مواجهة مع عناصر التشدد والتطرف الحليف الأبرز لكثير من الأنظمة العربية، الذين يعتقدون أن استباحة دم هذا الصحفي أو الكاتب "تقربا" إلى السماء وليس إلى "القصر" و إلى الله وليس السلطان .
الاستنساخ.
لعل تجربة استنساخ أو تفريخ بعض الأحزاب وسيلة معروفة استخدمتها انظمه عربية مع الأحزاب لإضعاف التعددية الحزبية، ولكن اليمن تفوقت في استخدام هذه الوسيلة واستمرأتها حد نقلها إلى الصحافة،ومنظمات المجتمع المدني. .
حيث سبق أن استنسخت الحكومة صحيفة «الثوري» الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي اليمني لفترة وجيزة عقب حرب صيف 94، بدعوى أن منشقين من الحزب هم من قاموا بذلك، وتوقف الاستنساخ فترة من الزمن ليعود بشكل أكثر سفوراً بعد احتلال مقر صحيفة «الشورى» الناطقة باسم حزب اتحاد القوى الشعبية التي كنت أرأس تحريرها قبل مصادرتها، ثم استنساخها بدعوى أن حراس المقر الذين تواطؤوا مع السلطة واحتلوها، منشقين عن الحزب، علماً أنهم ليسوا من الحزب. وما زالت الصحيفة للعام الرابع على التوالي تصدر بانتظام وتطبع في مطابع وزارة الإعلام، وصار الحارس/ البواب موجها للصحيفة. و حفاظا على "التقاليد" تم مؤخراً استنساخ صحيفة «صوت الشورى»، الصادرة عن نفس الحزب، وعين ضابط أمن رئيساً لتحريرها .
وللعلم فإن الصحف المستنسخة تحافظ على شكلها العام حد انتحال أسماء كتابها فيما يكون خطابها موالياً للسلطة، وتغدو منبراً للشتم والسب والقذف بقصد تشويه اسمها وضرب مصداقيتها وثقة الناس بها والتشويش على الصحافة المهنية أيضا، ويتضح الأمر أكثر عندما ترفض الجهات المعنية التعامل مع أي شكوى ضد (الحراس الذين أصبحوا ناشرين) بل ويرفض القضاء قبول أي دعوى بحقهم .
تسليم الصحفيين كمجرمين
التنسيق الأمني هو الأكثر نجاحاً بين الدول العربية، ويبدو هذا النجاح واضحاً أكثر عندما تقوم الدول بالتعامل مع الصحفيين كمجرمين، يسلمون لدولهم متى طالبت بهم كحالة الصحفي الموريتاني عبدالفتاح ولد اعبيدن رئيس تحرير صحيفة الاقصى الذي كان العام الماضي يتحدث من هذا المكان وفي هذا المنتدى عن الحكم الصادر بحقه بعد ان شارك قادما من دولة الإمارات،.. ربما لم يكن يومها يفكر أن يقاد مكبل اليدين من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى موريتانيا على ذمة قضية نشر، وهو ماحصل في 30 نوفمبر الماضي وزميلنا عبدالفتاح حاليا في السجن في ظل نظام الانقلاب الجديد في موريتانيا حيث زادت حدة التعذيب للسجناء وفقا لمنظمة العفو الدولية ...
اليمن أيضا تسلمت من السعودية في سبتمبر الماضي الصحفي عبدالفتاح الشنفره مدير تحرير موقع الضالع بوابة الجنوب بعد ان اعتقلته الاستخبارات السعودية في يونيو الماضي من السعودية بنفس الطريقة وعلى ذمة تهمة ملفقة من قبل الأمن اليمني .
احتكار التعدد والتنوع الإعلامي
مازالت عدد من الدول العربية تحتكر لنفسها حق إصدار تراخيص الصحف والمجلات ناهيك عن الإذاعات أو     القنوات، فمثلاً ترفض وزارة الإعلام باليمن الرد على طلب منح 68 ترخيصا مقدما أمامها.. ومنذ حوالي العام والزميل الصحفي فكري قاسم، وهو حاضر هنا معنا، يتابع ترخيص إصدار صحيفة "حديث المدنية" واستوفى كل الشروط وافتتح مقر الصحيفة بكامل تجهيزاته غير أن وزارة الإعلام لم تكلف نفسها عناء الرد، والمفارقة أن الوزارة تقوم بمنح تراخيص إنشاء صحف لأشخاص من خارج المهنة لاصدار منشورات صفراء لا تختلف عما سبق التطرق إليه، بينما تحرم الصحفي المحترف من حق كفله القانون تقدم لنيله بطلب مستوف لكل الشروط القانونية .
الاحتكار يمتد إلى سوق الاعلانات ايضاً، حيث يصنف المعلن في هذه المطبوعة أو تلك كداعم أو ممول، ما يضطر المعلن للاتجاه بإعلانه إلى الصحف الرسمية والموالية بشكل رئيسي أو صحيفة الحزب الذي ينتمي إليه، وهكذا تكون معايير النجاح، والانتشار، والمهنية لا قيمة لها في سوق الإعلان. ويتظافر مع ذلك سوء التوزيع الذي تعاني منه الصحافة باليمن وارتفاع سعر الطباعة والورق .
ولأن الحكومة تعد المشغل الوحيد لخدمة الانترنت، ونظراً لعقلية الاحتكار فإنها عادة ما تقوم بحجب المواقع الصحفية، وبالطبع فإن الحجب يكون من نصيب الرأي الآخر سواء كان معارضاً أو مستقلاً، ومع أن وزارة الاعلام في اليمن لا تدعي حقاً في أختراع البث الإلكتروني، أو خبرة فائضة في هذا المجال لكنها تعتزم إصدار تشريع قانوني خاص بالنشر الإلكتروني، علماً أن المحاكم اليمنية لا تخلو من قضايا مرفوعة ضد صحفيين ومواقع إلكترونية، وعادة ما يكون أغلب رافعي القضايا هم أطراف حكومية .
الاختطاف
  خطف المواطنين في اليمن في السنة الأخيرة أصبح ظاهرة، وأغلب المخطوفين يكشف عنهم في النهاية وبعد متابعة مضنية كمعتقلين أمنياً، بينما الصحفيون الذين تعرضوا لحالات خطف تشبه إلى حد ما، ما تعرض له الأستاذ عبد الحليم قنديل في مصر حيث يتركون في مناطق نائية بعد الإعتداء عليهم بالضرب والتهديد بالقتل وكسر الأصابع في حال عادوا إلى الكتابة .
وللعلم فجميع حوادث خطف الصحفيين باليمن لم يتم التحقيق فيها، ولم يكشف عن خاطف أو معتدٍ، وكان آخرها اختطاف الزميل عبد الفتاح حيدرة مراسل يومية الأيام التي تصدر في عدن وهو يغطي مظاهرات اندلعت في صنعاء تعلن مقاطعة الانتخابات، كشفت الخاطفين بوضوح لأنهم لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء التخفي، فهم استلموا زميلنا من سيارة شرطة وبعد ضربه غادروا غير آبهين بتسجيله رقم سيارتهم .
استخدام القضاء كساحة لتصفية الحسابات
نظراً لعدم استقلال القضاء في كثير من بلداننا العربية، فإنه يتم استخدامه كساحة لتصفية الحسابات السياسية، وإدانة الرأي الآخر، ولا تمنع إدعاءات الإصلاح والديمقراطية من الحكم بالسجن على الصحفيين في قضايا لا أساس لها غير الزور والبهتان. و كلها تؤكد التصميم على بقاء عقوبة السجن سارية لإدانة صاحب الرأي، وحدة المواجهة الرسمية للصحافة الناقدة،وشراسة الهجوم على الصحفيين وما القضاء إلا وسيلة إخراج وتمرير، وتلاف لحرج النظام، أو الحزب الحاكم، أو الحاكم الذي صرح ذات هفوة عن التوجه الجاد لإلغاء عقوبة حبس الصحفي .
ما تجب الإشارة إليه هنا أن معظم القضايا التي يحاكم فيها صحفيون وصحف في اليمن غالباً ما تكون مرفوعة     من طرف رسمي و بنسبة 85 ٪، حد أنه يتم تحريك قضايا ضد صحف مستقلة بعد عام من التحقيق في نيابة الصحافة والمطبوعات و في غياب الشاكي، كما هو الحال مع صحيفة «النداء» المستقلة باليمن، وقد يستدعى طاقم الصحيفة كاملا كما هو وضع الزملاء في صحيفة الوحدوي، علما أن الصحفي يمكن محاكمته بخمسة قوانين عقابية تصل العقوبة في بعضها إلى الحكم بالاعدام، واذا حكمت المحكمة بالغرامة فبمبالغ خيالية تعني اغلاق الصحف او حبس الصحفي لعدم قدرته على السداد كما هو مع الزميل رشيد نيني مدير تحرير جريدة المساء المغربية الذي حكم عليه بــــ850 الف دلاور بالمغرب وحكم عليه بعد ذلك مطلع الشهر بـ قرابة 85 الف دولار اتعاب محاماة لوزير حقوق الانسان السابق في المغرب الذي ترافع ضد الصحيفة في القضية، أما في اليمن فمبالغ الغرامات المحكوم فيها أقل من ذلك بكثير لكنها كبيرة جدا ًقياسا بدخل الصحفي حيث قد تساوي مثلا مرتب 25 شهرا كما صدر في حق الزملاء صلاح الدكاك وفكري قاسم وخالد سلمان، وهذا الأخير كان يحاكم بـــ14 قضية في وقت واحد، فأعلن اللجوء السياسي بلندن في نوفمبر 2006م ليس فراراً من أحكام السجن الصادرة ضده، وإنما دفاعا عن حقه في الحياة حسبما أعلن ولم يكن اغتياله بعيداً عن التوقع .
وحسب منظمات صحفية يمنية فقد تم استدعاء 45 صحفياً إلى النيابات، ومثل أمام القضاء 40 صحفياً في عام 2007م، كما يتم إيقاف الصحف بتوجيهات شفويه احيانا للمطابع، وقد تعرضت هذا العام صحيفتان للإيقاف، بينما صحيفتان مازالتا قيد الإيقاف، إلى جانب ذلك فالمنع من السفر الى الخارج يتم ضد بعض الصحفيين .
أليس الثمن باهظاً؟
سؤال مثير وجدير بالتوقف أمامه طويلاً. من السهل القول أن الثمن مهما كان ليس باهظاً مقابل الحرية ورفض     الفساد، ليس باهظاً أمام حق الأوطان، أمام آمال التغيير المنشود، إذ لا تغيير أو حرية بدون تضحيات، لكن سيقول آخرون: الصحفيون مهنيون وليسو ثوارا، والصحافة مشاعل تنوير و ليس عليها أن تكون شموعاً تنطفئ بعد حين مهما كان سمو الغاية .
لِم يتوجب على الصحفي أولا وأهله ثانيا دفع الثمن من راحته وقوته وحياته؛ قلقاً وسهراً، وخوفاً، وسجناً، وضرباً، وقد يدفع حياته كلها ثمناً. إذاً هل نقول إن الثمن باهظ؟
لكن ما قيمة صحافة مكممة تسبح بحمد الحاكم وأقاربه ومحسوبيه وحاشيته، تهلل للفساد، وتنافق لتظفر بفتات السلطان؟ ما أهمية الحروف دون حقيقة ومعلومة؟ ألا تستحق الحرية التضحية؟ معادلة صعبة في واقع أكثر صعوبة، الحكام يتحولون إلى آلهة، فيما الصحفي يتحول إلى متهم بالإرهاب والقتل، الحكام والأنظمة في بلداننا يمتلكون كل شيء؛ الأرض وما تحتها وما فوقها، فيما الإنسان لم يعترف به مواطناً .
هل هناك اعتراض ما على تعريف دور الصحافة باعتبارها أهم وسائل التغيير التي تمتلكها شعوبنا؟
أنا لا أقول هذا قدرنا.. لكن هذا واقعنا فإذا أردنا واقعا آخر ومستقبلاً أفضل فما علينا إلا أن نصنعه نحن بأقلامنا وأحلامنا، ولكي يتحقق لابد أن نناضل من أجله وفي سبيل تحقيقه، وبأي حال أن نكون أحد عوامل التغيير،أفضل من ان نكون ضحايا أبديين للتغيير .
نعم الثمن باهظ خاصة وأن بعض الحكام هم تحديدا من يقفون في مواجهة الرأي، والصحفي هذا أو ذاك بلا مواربه حين تومئ إليه بكلمة ناقده لا يتردد أن يرجمك بأمنه وجيشه،ومحكمته،وجهازه الإعلامي وحزبه الحاكم،وبعيدا عن أدنى وظائف الدولة يفرض عليك المواجهة في معركة غير متكافئة .
لو قلنا أن الثمن تحدده الخيارات،فما خيارات شعوبنا اليوم؟ ما هي الخيارات المتاحه على ضوء واقعنا؟؟وقد تهاوت قيمة الإنسان في بلداننا مقابل حكام يستكثرون على أنفسهم الموت والمرض، بينما يستكثرون علينا الحياة، ولعلي هنا لا أتحدث فقط عن نفسي وعن بلدي اليمن فحسب، ولكن عن واقع ليس غريباً عليكم وان اختلف في بعض تفاصيله .
نعم؛ الثمن باهظ ولكن ماهي الخيارات الأخرى لسيادة القانون، للتطور، للتغيير، لوجود صحافة فاعلة ومهنية،     تقوم بواجبها كما يجب، وتساير العصر؟
أعتقد أن الخيارات الرسميه المتاحة تكرس واقع القبول بالذل والقهر والاستبداد والفساد الذي يعبر عنه بوضوح التوجه العربي الرسمي نحو تعديلات دستورية تخلد الحكام، وتحولهم إلى عائلات مقدسة.. الحكام يدافعون عن أوهام مجد، والصحفي يدافع عن الحقيقة، والحقيقة أهم من أوهام مجد الحكام، وأهم من الحكام بل أهم من المجد ذاته، إذ لا مجد بلا حقيقة .
نعم إن الثمن باهظ ولكن القبول بشروط الواقع الرسمي، يجعل الثمن باهظا بصورة أكبر،لأنه واقع تفقد معه الحياة معناها وجمالها ..
أنا لا أتحدث بلسان الثائر أو المحرض ولا بلسان المتشائم أو اليائس، بل بلسان المؤمن بالتغيير، والحرية والعدل والمساواة، وكما أن الصحافة الناقدة من أهم أدوات التغيير، والصحفيون والصحفيات أهم أدوات التغيير .
بهذا الإيمان قضى نحبه جبران تويني شهيداً وسيبقى في الذاكرة بينما القتلة يتوارون كالجرذان .
لا قيمة للحياة بدون حرية حقيقية، ولا حرية حقيقية بدون تضحية، وعلينا أن نبحث سبل تطوير مقاومة الاستبداد، ونوسع مساحة العمل والجهد والتضامن بمساحة الحلم ورسالة الحالمين وتطوير آليات التواصل لتتكامل الجهود كخيوط أشعة تصنع نوراً ساطعاً لا تقوى عيون المستبدين على رؤيته.. ووطن تصنعه أقلام وأفكار وأحلام إبراهيم عيسى، وقنديل، ورشيد نيني، والفرحان وسعيد ووائل وولد حامد وزملائي اليمنيين سامي وفكري وسامي وراجح وانتم زملائي المشاركين، أنا واثق انه أفضل من وطن يفصل بمقاسات رئيس أو ملك، أياً كان وعندما تشرق الحرية سيقدر غيرنا أن الثمن لم يكن باهضاً .

يحي المتوكل .. مات أم اغتيل .. مناقشة التقرير الأمني !!

  
عبد الكريم الخيواني

14/1/2004
الى قبل اسبوع كانت الصحافة لا تشير الى سنوية اللواء يحيى محمد المتوكل، وكنت أتساءل عن سبب الغياب أو التغييب. وذكرت (كراهية) الاربعينية في السنة الرسمية وفهمت بأنها تسري ايضاً على الذكرى السنوية. ومقتدياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سيد الشهداء
حمزة (حمزة لا بواكي له) كدت أقول (يحيى لا بواكي له). إلا أن شذرات صحفية ومقيل قاعة الخليج بدد ما كدت أقول، وبقيت زوابعالتساؤلات حول الحادث والتي لم تلق اجابة منذ عام، بل ان غموض الحادث لم يزل كما هو ودائرة الظنون تتسع.... فيحيى الشهيد كان رجلاً بحجم الوطن وقلباً بمساحة الناس، كان محل اجماع، ورجل دولة من طراز رفيع، ومناضلاً لم يفارق الحلم عينيه، لم تضف السلطة اليه الكثير، لكنه اكسبها بريقاً طالما أفتقدته وتفتقده، كان جسراً بين المختلفين وبوابة حل القضايا الصعبة.. ويحيى الموقف عندما تغيب المواقف كما في رمضان قبل العام عندما قصفت الطائرات الأمريكية الحارثي ورفاقه وساد الوجوم الرسمي فخرج وحده لكي يندد بالاعتداء على السيادة ويعتبره محرجاً للسلطة.. اذاً فيحيى له بواكٍ.. وبواكٍ كثيرة جداً ورجل مثله وبمكانته عندما تنتهي حياته بحادثة سير غامضة فالقدر وحده ليس كافياً لإلغاء الاسئلة. وعندما يمر الحادث دون تدقيق وافٍ وتحقيق كافٍ حتى وان كانت جنازته مهيبة فان الظنون لا تختفي والهواجس لا تسكن!!
نحس التفوق...
الشهيد يحيى ليس أول ضحايا التفوق.. وقطعاً ليس آخرهم في بلد لا رموز له  والتفوق ذنب وجريمة دفع ثمنها النعمان والجاوي و.... وجارالله عمر.. ويحيى المتوكل وكثيرون، وإن لم يكن دائماً الثمن هو الحياة ذاتها.. قد يقول قائل لكنه كان من رجالات السلطة ناسياً أن صاحب (السلطان كراكب الأسد) كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام. ويحيى اللواء لم يكن بمنأى عن القضاء وليس لديه حصانة من الموت والحوادث والأحداث، لكنه بطبعه المنظم وخبرته الأمنية والسياسية وشخصيته الاستثنائية يعرف كيف يحتاط ويحذر وسيارته (الجديدة) جداً (موديل 2002م) فيها من وسائل الأمان ما يجعل من غير الطبيعي أن تخرج اطاراتها من أول هزة أو تماوج. ثم أن يسارع من يقتاتون على الشك والظن والهواجس ليحملوا القدر وحده مسؤولية ما حدث في وطن كل أنواع موت السياسيين (جلطة، سيارة، سقوط، رصاص).. كلها علامات استفهام تتجدد باستمرار.. كيف لا؟.. وأجواؤنا ملبدة بغيوم المؤامرات ومناخاتنا مليئة بالفساد والاغتيالات التي كان آخر ضحاياها الشهيد جارالله عمر المناضل والإنسان صديق يحيى ومثيله، والذي جاء استشهاد يحيى بعده ليطفىء لهيب تفاعله وليدخل البلاد والعباد في جو من الذهول.. ذهول الخسارة لعلمين وزعيمين ورمزين... ذهول الارتباط وتوالي الأحداث..، حيرة الغموض..، ليفيق الجميع في لحظة أمام: تعددت الأسباب... أو الأشخاص أو الوسائل ووو.... ويمضي عام على مداره، لا توضيح.. لا تفسير مقنع هنا أو هناك.. وها نحن بعد عام من الفجيعة لا نمتلك جواباً شافياً.
حادثة عادية .. أم مدبرة؟
لست من أنصار نظرية المؤامرة كما أنني لست من القدرية عقيدة أو تبريراً، وعقلاً أفكر بالأسباب. وحادثة الاستاذ يحيى كما يحب كثير ان يدعوه أدمت قلوباً كثيرة لم يبارحها حزن الشهيد جارالله، ولم تفصح الألسن عن الهواجس، رغم ازدياد الحيرة وكِبَر حجم السؤال وحرارة الألم وغموض الحادث وغياب التفسير واللامبالاة في التعامل مع الحادثة، الأسباب والنتائج، ولو من أجل تبديد الشائعات والرد على التساؤلات...
لكن بعد عام وكأحد أنصار الحياة المؤمنين أن الموت والحياة بيد الله سبحانه وتعالى وحده، وانطلاقاً من واجب احترام حق الحياة والحرية والكرامة والحقوق وهو الواجب الذي يفرض على الجميع تجسيده، أتوقف بكم ومعكم أمام التقرير المرفوع من وزارة الداخلية عن الحادث الذي أودى بحياة الشهيد يحيى المتوكل ورفاقه الثلاثة قبل أي تعليق. وأود ان أؤكد فقط ان القضية ليست قضية إثارة صحفية ولا سبق صحفي ولكنها صرخة؛ صرخة ضد سلب أناس لأناس حياتهم ضد من يوزعون الحزن واليتم على البيوت والاطفال والترمل على النساء.. صرخة ضد إلغاء العقل في التعامل مع القضايا أياً كانت والاستخفاف بالحياة... وما الأسطر التي سبقت الا نفثة وليست اتهاماً وإنما تساؤلاً مشروعاً حاولت بعيداً عن الإثارة مراعياً مبدأ «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة». كتبتها وأنا أحوم حول الحمى غير متأثر بالشائعات ولا متردد في التصريح ان توفرت المعلومة الصحيحة. وهذه النفثة بعثها ماجاء في التقرير المرفوع من نائب وزير الداخلية إلى الرئىس وما جاء فيه من تناقضات وماحمله من غموض وتساؤل مضاعف دون تقديم اي اجابة او تفسير يبدد الشائعات، وينفع السلطة ذاتها. وكل ماسبق هو مقدمة للولوج إلى هذا التقرير الذي ننشره حرصاً على وضعه أمام الجميع، من ناحية، وأضع الجميع أمامه من ناحية أخرى، لأنه يحمل في طياته ومضمونه  طريقة التعامل مع حياة الناس. ولاحظوا معي هنا ان الناس المقصودين هنا هم الشهيد يحيى المتوكل ورفاقه، فكيف يتم التعامل مع غيرهم؟، دعونا نقف أمام ما جاء في التقرير - المؤرخ 2003/1/21 - نصاً وحرفاً كما يلي:
«فخامة الأخ المشير علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظكم الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الموضوع/ تقرير عن حادث انقلاب السيارة الصالون رقم (1/35087) موديل 2002 الخاصة باللواء يحيى محمد المتوكل
إشارة الى الموضوع أعلاه.. والى مذكرة الأخ مدير أمن محافظة لحج رقم (2003/1/2م) وتاريخ 2003/1/14م المرفق بها التقرير المرفوع من ادارتي بحث محافظة عدن ولحج والمتضمن الاجراءات المتخذة من قبلهم حول الحادث المشار اليه بعاليه.. وشمل الخطوات التالية:
وقت قوع الحادث:
في صباح يوم الاثنين الساعة الثامنة وخمسة وأربعون دقيقة تقريباً بتاريخ 2003/1/13 وقع حادث الأنقلاب المشار اليه بعاليه وذلك في منطقة الرباط بين خزان المياه واللواء الخامس محافظة لحج.
نتائج الحادث:
نتج عن الحادث وفاة:
1 - اللواء يحيى محمد المتوكل.
2 - مطهر المتوكل.
3 - صالح علي سعد المناري (مرافق)
4 - محسن الجبر (السائق).
واصابة كل من:
1 - اللواء عزالدين المؤذن.
2 - نقيب يحيى علي ناصر الشويع (مرافق).
3 - ملازم صالح مقبل عاصر سعد (مرافق).
الاجراءات:
بعد تلقي الجهات المعنية البلاغ تم أنتقالهم الى موقع الحادث وتم نقل المتوفين والمصابين الى مستشفى ابن خلدون في محافظة لحج.. وتم تحريز المكان والبدء باجراءات التحقيق على النحو التالي:
1 - تم حصر الاشخاص الموجودين في مكان الحادث وأخذ أقوالهم.
2 - تم تصوير وفحص كامل موقع الحادث مع السيارة وتجميع كل ما هو مرتبط بالحادث من آثار مع نقل السيارة الى إدارة أمن محافظة لحج.
3 - تم اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل ادارة مرور لحج والقيام بعمل التخطيط الفني لموقع الحادث.
4 - تم أخذ أقوال المصابين في الحادث والذين كانوا على السيارة.
5 - قيام مجموعة فنيين متخصصين من كلية الهندسة قسم ميكانيك السيارات جامعة عدن بفحص السيارة مع القطع التي عليها والقطع المتناثرة منها.
6 - تم نقل جثث المتوفين الى صنعاء في نفس اليوم.
7 - تم متابعة تحركات الأخ اللواء يحيى المتوكل مع مرافقيه من تاريخ وصوله الى عدن يوم الخميس 2003/1/9م حتى يوم وقوع الحادث وأتضح أنه كان محل سكنه في منتجع خليج الفيل مع اللواء عزالدين المؤذن وسكن المرافقين في فندق (سي فيو بلازا) والسيارة معهم وكان يتحرك من الفندق الى الأماكن المراد زيارتها ويعود في نفس اليوم الى السكن ولم يلاحظ أي شيء خلال الفترة المذكورة.. وكان يبقى أحد المرافقين في السيارة بصورة مستمرة.
خلاصة أقوال المصابين في الحادث الآتي:
- اللواء عزالدين المؤذن جاء في أقواله: «انه كان راكباً في الوسط ويتطلع في الجريدة وشعر بفقدان توازن السيارة مما دفعه للانتباه والتركيز فشاهد السيارة تنحرف يساراً وقام السائق بمحاولة إعادتها بقوة فاتجه يميناً واثناء ذلك شاهد أحد اطارات السيارة يتدحرج أمامهم والسيارة تجحش في الأسفلت وحدث الانقلاب ولم يشعر حتى بضربة البريك وأنهم كانوا يسيرون بسرعة طبيعية».
- صالح مقبل عامر (مرافق) جاء في اقواله: «انهم تحركوا من عدن الساعة الثامنة صباحاً من فندق (سي فيو بلازا) الى منتجع (خليج الفيل) لأخذ اللواء يحيى المتوكل من هناك وكان راكباً مع مطهر المتوكل الى جوار السائق واللواء عزالدين المؤذن في الوسط وهو وزملائه في الخلف وعندما وصلوا الى مكان الحادث شعر بالسيارة أنها تجاوزت سيارة أخرى وتزحلقت الى خارج الأسفلت واعادها السائق الى الاسفلت ومباشرة أنقلبت الى جهة اليمين والقلبة الثانية على الكبوت وبعدها لم يشعر إلا وهو في المستشفى ولا يعرف ما سبب الحادث».
- النقيب يحيى علي ناصر الشويع (مرافق) جاء في اقواله: «أنه كان راكباً مع زملائه في مؤخرة السيارة واللواء يحيى المتوكل كان راكباً في الأمام مع مطهر المتوكل الى جانب السائق ويقول اللواء يحيى المتوكل تأخرنا وكانت سرعة السيارة من فوق المائة واثناء السير دخلت سيارتنا بين سيارتين على اليمين سيارة كبيرة قلاب مرسيدس وكانت سرعتها بطيئة وعلى اليسار سيارة أخرى - لم يحدد نوعها - وأنه شعر بعدم توازن السيارة وخروجها عن مسارها وحاول السائق اعادتها الى مسارها ولم يستطع وعندها حدث الانقلاب وشعر بحوالي خمس الى ست قلبات».
خلاصة أقوال الشهود في موقع الحادث، وهم:
1 - محمود مثنى علي جبران، يسكن بجانب الخط العام يفيد بانه كان بالقرب من حادث الانقلاب وكان جالساً أمام منزله ومعه شخص يدعى أنور صالح ناجي سمع صوت فحطه حديد (سحبه حديد) على الأرض وانتقل الى اتجاه الصوت وشاهد سيارة صالون موديل حديث لون رصاصي وهي تخرج قليلاً بجانب الخط وشاهد السيارة وهي تنقلب وانقلبت أربع قلبات وأتجه نحو الحادث وشاهد اللواء يحيى المتوكل وعزالدين المؤذن وطلب عزالدين المؤذن من الشاهد محمود جبران ان يتصل بالمحافظ لكي يحضروا لاسعافهم ويفيد أنه لم يشاهد أي سيارة تعترض سيارة اللواء يحيى المتوكل ولم يسمع صوت الفرامل قبل الانقلاب وكانت سرعة السيارة طبيعية.
2 - النقيب محمد علي محمد الحواتي (نائب قائد نقطة الرباط) جاء في اقواله: «أنه وصل اللواء يحيى محمد المتوكل على سيارته الى النقطة، الساعة الثامنة والنصف صباحاً تقريباً وكانت مسرعة وهو متجه الى محافظة لحج وبعد حوالي عشر دقائق وصل الى النقطة سائق سيارة هيلوكس واخبرهم أن سيارة (مونيكا) تقلبت على الخط فعرف مباشرة أنها سيارة اللواء يحيى المتوكل كونها السيارة الوحيدة المونيكا التي خرجت من النقطة ولم تخرج بعدها أي سيارة مونيكا وأتجه الى مكان الحادث».
3 - الشيخ محمد علي سلام مثنى جاء في اقواله: «أنه اثناء اتجاهه الى محافظة لحج لحضور الاجتماع مرت من جانبه سيارة صالون وهي مسرعة جداً وبعد فترة قصيرة من مرورها شاهد ارتفاع غبار كثيف يتصاعد رغم بعد المسافة بينهم واستمر في مشيه حتى وصل الى مكان الحادث فشاهد السيارة مقلوبة والناس من حولها واستمر في طريقه الى محافظة لحج لحضور الاجتماع الذي سيديره اللواء يحيى المتوكل وعند وصوله الى مقر المؤتمر تفاجأ بخبر أن سيارة اللواء يحيى المتوكل قد انقلبت فعرف أن الحادث الذي مر من جانبه هي سيارة يحيى المتوكل فاتجه الى المستشفى».
4 - أما بقية الشهود والذين يعملون بالمطعم والأحواش المجاورة لموقع الانقلاب يفيدوا على مشاهدتهم للسيارة اثناء الانقلاب فقط.
كما تم أخذ اقوال حرس وموظفي استقبال فندق (سي فيو بلازا) الذي بات فيه المرافقين والسيارة واقفة أمام بوابة الفندق وكانت افادتهم بعدم ملاحظتهم لأي شيء نحو السيارة كما تم أخذ اقوال بعض النزلاء في نفس الفندق ولم يدلوا بأي معلومات مهمة.
الاستنتاجات:
من خلال ما سبق عرضه يتضح الآتي:
1 - استبعاد وجود عنصر جنائي في حادث انقلاب سيارة اللواء يحيى محمد المتوكل وما يؤكد ذلك اقوال مرافقيه المصابين في الحادث والذين اكدوا حرصهم ومحافظتهم على السيارة اثناء وجودها معهم. ايضاً ما يؤكد ذلك التقارير الفنية المرفوعة من ادارتي البحث الجنائي بمحافظتي عدن ولحج والتقرير الفني المرفوع من المختصين في كلية الهندسة قسم ميكانيك السيارات جامعة عدن.
2 - الحادث كان بعد تحرك السيارة من عدن بمسافة كبيرة وهذا يؤكد استبعاد أي عنصر جنائي.
3 - سبب الحادث هو السرعة الزائدة والذي افقدت السائق القدرة على السيطرة على السيارة وأدى الى خروجها عن مسارها وانفصال الاطار الأمامي الأيسر وحدوث الانقلاب.
وما يؤكد ذلك اقوال شهود العيان في الحادث والتقارير المرفوعة من ادارتي مرور محافظتي عدن ولحج وأقوال اللواء عزالدين المؤذن المصاب في الحادث الذي أكد على خروج السيارة اثناء سيرها يساراً بمسافة (102 متر) من مكان خروجها الثاني في الجهة اليمنى للخط.
تفضلوا بالاطلاع .. وتقبلوا خالص تحياتنا..
اللواء الركن/
مطهر رشاد المصري
نائب وزير الداخلية»
تساؤلات حائرة؟!
* هذا ما جاء في التقرير كما هو ولن اعلق على الاجراءات، حيث يغيب عنصر الزمن في تلقي البلاغ والحضور والقيام بتلك الاجراءات؟ وعنصر الزمن مهم جداً.. وكذلك وصف الحالة التي كان عليها من في السيارة، أو ما قاله الشيخ محمد سلام: ان سيارة اللواء يحيى المتوكل تجاوزته ثم انقلبت وتجاوزها ولما وصل الى مقر الاجتماع قيل له أن سيارة اللواء هي التي انقلبت!!! وهذه المعلومة تشد الانتباه!!! بل أتساءل عن تقرير الفنيين المختصين من كلية الهندسة بالفحص الذي لم يشر الى نتائجه أو أنه تم بناءً على أي تكليف..؟! كذلك عن مصير تقرير اللجنة الفنية (يابانية - المانية) التي شُكلت حينها وأُعلن عن ذلك؟!
* ما جاء في البند السابع حول بقاء أحد المرافقين على السيارة بصورة مستمرة يشكل علامات استفهام ويحتاج الى تفسير فهل كان يتوقع عمل شيء بالسيارة مثلاً؟ ثم هل تحتاج السيارات في موقف أي فندق لحراسة غير حراسة الفندق؟!.
* كيف يمكن ان يتدحرج الاطار لمجرد محاولة السائق اعادة السيارة الى مسارها بعد الانحراف؟.. وما هو سبب الانحراف؟.. علماً أن السيارات الجديدة من هذا النوع مأمونة في هذا الجانب!... خاصة وقد جاء في اقوال اللواء عزالدين المؤذن انهم كانوا يسيرون بسرعة طبيعية (ولم يشعر حتى بضربة البريك) وشهادة محمود مثنى التي تعزز القول ان السرعة طبيعية وهو ما يتناقض مع كلام النقيب الحواتي والشيخ محمد علي سلام ان السيارة كانت مسرعة جداً.. وهي النقطة الوحيدة التي أعتمد عليها التقرير، بينما أغفل شهادة من قالوا أن السرعة طبيعية.. فلماذا؟! وماتفسير هذا التناقض؟!!
* هل من المعقول ان اللواء يحيى المتوكل يركب مع العميد مطهر المتوكل في الكرسي الأمامي الى جانب السائق وتركا الوسط كله للواء عزالدين المؤذن وحده فيما يتزاحمان في المقدمة؟...
* أعتمد التقرير المرفوع من نائب وزير الداخلية على عامل السرعة في حسم الموضوع بأنه غير جنائي ولم يورد نتائج التقرير الفني لكلية الهندسة أو يشير الى نتائج فحص كيف خرج الاطار؟ وهي النقطة المهمة وهل يمكن أن يخرج من تلقاء نفسه أم بفعل فاعل؟ وهذا هو السؤال الحقيقي...
* ان احترام الحياة والتعامل المسؤول مع القضايا هو الذي يفترض ان يسود، ومن العجيب ان تناقضات بهذا الكم ترد في التقرير ولا يلتفت اليها بل تحسم المسألة بانها ليست جنائية.. ان اللواء يحيى المتوكل لا يخص أسرة ولا منطقة، فكما كان للناس جميعاً فان متابعة قضيته تخص الناس ايضاً. وهاهي الذكرى السنوية لاستشهاده تجدد الكثير من التساؤلات وستتجدد اكثر حتى تُعرف الحقيقة.
* بهذه الوقفة الموجزة أمام التقرير والتساؤلات الموجزة حوله مايزال الباب مفتوحاً للتعليق من ذوي الخبرة والاختصاص الذين يستطيعون فعلاً الاستنتاج ومعرفة الشيء الكثير وأبعاد التناقض... ولعلّ نشر التقرير كما هو حرفياً مجرد اسهام أو القاء حجر في مياه لم تكن راكدة، فاتحاً باب السؤال عن كيفية استشهاد إنسان.. مواطن يمني.. رجل دولة.. ومسؤول خدم وطنه من منطلق انساني.. ووطني.. وديني..وأخوي..
 في سبيل الوصول الى الحقيقة؛ والحقيقة وحدها هدف يستحق المجازفة.
رحم الله الشهيد جار الله عمر.. رحم الله الشهيد يحيى المتوكل ورفاقه الشهداء.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلا عن " الشورى " نت