الخميس، 28 مارس 2013

تساؤلات ومخاوف حوار خارج السيطرة!!


عبد الكريم محمد الخيواني


يمكن اختصار الأمر بلا جديد في الحوار. بدأت ورش العمل لتكرر ورش العمل التي بدأتها قبل الحوار. الورش مفيدة لكن إعادتها ربما ليس ليفهم الشطار, بل لإعطاء مزيد من الوقت للكواليس, لكي تصل لحلول ما .
عموما الورش, مفيدة بنظر البعض لتعليم اليمنيين كيف (يتأودموا)، حد تعبير مناضل عتيق, في مؤتمر الحوار. والبعض غير مهتم بما في الورش, رغم الجهد الطيب الذي يبذله المدربون في الـ ان دي أي, المهم مر يوم آخر.
قاعة المؤتمر تشبه كثيرا حالة الساحة في أيام الثورة الأولى قبل السيطرة , وقبل انضمام حامي الحمى, ومهزلة اللجنة التنظيمية, و(حيا بهم حيا بهم ,واحنا تشرفنا بهم). فيها هذا وذاك, الثائر والمتربص والباحث عن مجد والباحث عن مصلحة، وصاحب القضية و(الحانب بنفسه ومصلحته), ومن لا يعلم شيئاً, ومن لا يهمه شيء, ميزته صفته السلبية .
ستجد رفاقا غيبهم الوقت ما يزالون يواصلون مسيرة أحلامهم الوطنية، وتجد ثوارا ألفت وجوههم بالساحة, وتجد صنوف المتهمين, وتجد أولئك الذين كانوا يصنعون الأحداث ويدبرون المكائد, ومن ينفذونها, وتجد الضحايا, وتجد شياطين السياسة ومحترفيها, في مشهد مثير للتأمل. ما يزال الحوار خارج السيطرة, كما كانت الساحة بأيامها الأولى. ما يعني تنامي المخاوف من حوار خارج سيطرة من تعودوا على السيطرة .
ستجد أولئك الذين يرون أنفسهم علية القوم ومؤثرين وأصحاب نفوذ ووجاهة وهيلمان, يغادرون حراسهم وسياراتهم الفارهة. وما إن يدخلوا بهو الفندق حتى يشعروا بالضياع؛ يمدون أيديهم للمصافحة، وهم يخشون أن ترفض, وحينا معزول, وحينا يوزع ابتساماته للعابرين, ومرارتهم سافرة. وتعرف مدى ضيقهم بهذا الحال الذي لم يحسبوا له حسابا, من كان منهم يحسب أنه سيتواجد مع هذا العدد من مواطنين تجرعوا ويلاته .
الأسئلة لا تكاد تتوقف من كثير من الأعضاء هنا وهناك, متى يبدأ جدول الأعمال؟ هل يناقش؟ أم أنه محسوم بقرار؟ ما مصير اللجان؟ متى يعلن كشف بدل المتغيبين؟ كيف سيوزع؟
وهل سيقبل المنسحبون؟ هل سيضاف آخرون؟ ما جديد الحراك؟ وإلى أين وصلت خطوات القبض على الجناة في حادثة محاولة اغتيال الشيخ عبد الواحد أبو راس؟ وتجد الاجتهادات بالردود تتعدد أيضا .
سؤال توقفت عنده. قال أحد أعضاء المؤتمر اليوم في الاستراحة هل نحن معنيون هنا بالتداخلات السعودية بالحدود؟ بما يحدث للمغتربين؟ كان الذي ألقى بعبارته أخ من الجنوب.
مضى صاحبي وبقي السؤال في رأسي .
بإيجاز أعتقد ليس مؤتمر الحوار بعيدا عما يجري بالحدود. أو يتعرض له المغتربون بالشقيقة الكبرى. إنه يشير في جانب منه إلى عدم الرضا عن أي جهد لترتيب أوضاع اليمن. ومن المؤكد أنها تشعر بالخوف من نجاح الحوار الوطني والوصول إلى دولة مدنية بأي حد. السعودية مخاوفها من الثورة الشبابية مستمرة, وتريد أن تجعل اليمن عبرة أمام شعبها وتعرف أنه لا بد من ترتيب أوضاعها الداخلية, قيادتها تعيش مرحلة شيخوخة، وأمريكا لا شك قلقة، وتريد ترتيب الأوضاع ونقل السلطة لمرحلة استقرار ربما للجيل الثالث, والجيل الثاني يتنافس بحدة. هذا معه الجيش وهذا الحرس وهذا الأمن, لكن الجميع متفقون بعدم ترتيب أوضاع اليمن حتى ما بعد التغيير بالمملكة. لهذا تمارس ضغوطا قوية. وعلى الرئيس هادي مباشرة التدخل بالحدود, إعادة بناء جدار العزل العنصري, ترحيل المغتربين. لم يعد خافيا أنها تشعر بضعف القوى التقليدية المتحالفة معها باليمن وتدعمهم بهذه الضغوط بشكل سافر, إذن الحوار ليس بمنأى عما يحدث. ولعل الأهم مما يدور بالورشات , ما يدور بالكواليس. إنه تحد آخر أمام مؤتمر الحوار ولعلهم يواجهون تراكم إرث القوى التقليدية وصراعها منذ الستينات. صحيح ليس كلما في الحوار مثير للتفاؤل لكن سيطرة التشاؤم وحده يعني الاستسلام .
تغادر المؤتمر لتسمع لاحقا عن محاولة اغتيال طالت الفضلي, أحد أبناء الجنوب, وعن كمين غادر لآخرين, وعن مواجهات في كلية الشرطة, ناهيك عما تسمع عنه في محافظات أخرى يوميا, ما يؤكد أن الحوار مستهدف وأن ثمة من يعمل على إشعال الحرائق في
أكثر من مكان, أملا أن تحصد البلد حربا كبيرة. وما أشبه اليوم بالبارحة. يبقى السؤال الأكبر هل يعي اليمنيون ذلك ويجنبون وطنهم ويلات ما يحاك ويفوتون الفرصة بوعي أنهم المعنيون بمصلحة اليمن؟ ولن تكون اليمن ومصالحها أغلى عند السعودية أو أمريكا أو قطر أو إيران أو الخارج عموما، إذا هانت اليمن عند أبنائها !!
نشر بصحيفة الشارع يوم الثلاثاء الماضي ...

تعليق ومعلقون !



عبد الكريم محمد الخيواني

احتجاجا على محاولة اغتيال الشيخ عبد الواحد ابوراس وتداعياتها، قررت جماعة "أنصار الله" تعليق مشاركتها أربعا وعشرين ساعة. حضروا وكان التضامن رائعا بالقاعة، وأعلنوا تعليق مشاركتهم. لا شك أن هذا التعليق أراح البعض, وأخشى أن يستمر دفع الحوثي نحو الانسحاب بنفس الممارسات، وهذا أمر وارد .
بقدر ما كان التضامن واسعا مع الحوثي, كان البعض لديه تضامن ولكن من نوع آخر, خاصة أولئك الرافضين للحوار, لأسباب متفاوتة. أقصى تضامنهم كان الدعوة للانسحاب من الحوار، بحجة الحفاظ على حياة الناس، وربما هم لا يدركون أن هذا يخدم بالدرجة الأولى مخطط من قاموا بمحاولة الاغتيال. دعوني أكشف عن رغبة سعودية أمريكية كانت تريد عدم مشاركة الحوثي بالحوار. ولعل بعض الزملاء بالمؤتمر سمعوا هذا معي في اسطنبول من مشارك أجنبي، ولعل البعض يتذكر ما قاله حميد الأحمر ببرنامج "نقطة ساخنة"، حول هذا الأمر. وإذا فهمنا هذا جيدا سندرك أن وجود ومشاركة الحوثي تأتي ضد رغبات البعض بالداخل والخارج, واستجابة الحوثي للاستفزاز يخدم مخططا يمتد من "الحصبة" إلى الرياض إلى الدوائر الأمريكية وسياستها اللعينة بالمنطقة .
كان ثمة مخطط للاغتيالات موجود ومفروض يبدأ من قبل الحوار. ويمكن أن أستشهد بمعلومات وصلتني من زملاء وزميلات, بل وتحذيرات أيضا. والاغتيالات وإن كانت، في جزء منها، لها أبعاد شخصية, تتعلق بالهدف، لكنها تدخل أيضا في بوابة إرباك الحوار؛ لكن مع كل ذلك يجب علينا أن نعي أن بناء دولة مدنية، بأي حد, ليس في صالح القوى التقليدية ومراكز القوى والنفوذ, وأن علينا أن نواجه بقوة, وألا نستسلم بدعوى الخوف على الحياة.
صالح وعلي محسن وحميد، ومن معهم، لن يقبلوا بأن تزول امتيازاتهم بسهولة, وأن يكونوا مواطنين متساوين مع غيرهم، وسيستخدمون كل ما لديهم, ألم تتوحد قواهم قبل الحوار مع من يسمونهم بلاطجة صالح ووجهوا إنذارا للحوثي؟ ألم يجلب صالح المرتزقة والبلاطجة إلى قاعة المؤتمر ومن استخدمهم لإثارة النعرات الطائفية, بل والمتهمين بقتل الشباب أيضا، بينما جاء الحوثي بفريق حوار بصورة مدنية إلى صنعاء؟ أليس لهذه المفارقة قيمة في نظر من أعماهم عدم اختيارهم للمشاركة؟
أيها الزملاء، رويدا رويدا في أحكامكم على الحوار، تذكروا أن لديكم زملاء, ثقوا بهم واعتبروهم قوتكم داخل الحوار ووسيلة إثباتكم على صحة أعماله أو فشله. إنها معركة نخوضها اليوم محملين بأحلامنا جميعا، اعتبرونا أنفسكم, كما اعتبرنا سابقا زملاءنا باللجنة الفنية أنفسنا. ثقوا بهم, وسيكونون مكان المسؤولية, لا تتوحدوا -من حيث لا تشعرون- مع القوى التقليدية, وبصراحة أقول للبعض: بلاش أنانية وحسد وادعاء ومزايدة في تعليقاتكم .
مؤتمر الحوار يجمع كل التناقضات، يجمع كل الشتات. وأعترف أننا الأضعف، لا نملك غير أحلامنا بوطن، وهي أحلامكم, فلا تضعفوها, ولا تجعلوني أصدق وصف اليمنيين, هم على حالهم، شتاتا وغيا واختلافا كأمة وثنية .
الجلسات انقسمت اليوم إلى أربع جلسات، سنغادر الفضفضة إلى ورشات عمل كما قيل, ماذا فيها؟ لا أعلم, إنما أنا متأكد أن البرنامج مازال يراعي استكمال الوساطات وما تسفر عنه في الأيام القادمة، مستغلين حالة اهتمام البعض بالسندوتشات, وبحث البعض عن التقاط صورة إلى جانب هذا أو ذاك, في مشهد "ثوري" مخجل وغبي .
نشر بصحيفة الشارع يوم الأحد 25مارس