الاثنين، 3 أكتوبر 2011

(( ها انا وحدي ))



إهداء للأستاذ القدير ، الحر / عبدالكريم بن محمد الخيواني _ فرج الله عنه .

شعر أخي العزيز / محمد عبدالله عامر .

مَلني التجديف وحدي .... ضل بي جزري ومَدي
خانني والموجُ يعلو .... زورقي ويدي وزندي
أين أذهب ، أين أرجعُ .... حارَ لبي ، تاهَ قصدي
موجةٌ تعلو وأخرى .... بإنتظار سماع ردي
كلما شَمرتُ ذابت .... ريثما أنحاز ضدي
كلما أعرضتُ عنها .... عاودت تشتيت رشدي
كان حلماً من ضبابٍ .... كان درباً لا يؤدي
كلها كانت وجوهاً .... طيباتٍ مثل حقدي
ألسُـناً تعطي انطباعاً .... عاجزاً عن أي ردِ
أعيناً تبدي وميضاً .... عارضاً عن غير قصدي
كلهم كانوا أفاعٍ .... أنكروا سبي وودي
أيها البحرُ استتب الأمرُ .... حالفني التردي
لستُ قبطاناً ذكياً ....  تطلبُ الحيتان ودي
أو زعيماً مستبداً .... عاجزاً عن التحدي
أو ضميراً غيرَ مُجدٍ .... في زمانٍ غير مجدِ
أيها البحر ابتلعني .... واختصر قضمي وزردي
ليس من أحدٍ ورائي .... غير اسم أبي وجدي
ها أنا بالفعل وحدي .... ها أنا حقاً لوحدي
ها أنا وحدي و وحدي .... في صراع غير مجدِ
كيفما غيرتُ لوني .... كيفما بدلتُ جلدي
أين أهربُ من عدوٍ .... كامنٍ قبلي وبعدي
أيها البحر التهمني .... واختصر قضمي وزردي
قبل أن أصبو لغيٍ .... قبل أن انحاز ضدي

مدونة عبد الكريم الخيواني: علي موسى: أبي أروِّح





من داخل السجن المركزي.. سجين الرأي عبدالكريم الخيواني يكتب عن اقدم سجين في اليمن

أعدمت السلطات اليمنية  يوم أمس الأحد في السجن المركزي بصنعاء السجين علي سالم موسى أقدم سجين في اليمن من أبناء قرية المسيميق بمحافظة البيضاء بعد 41 عاما قضاها في السجن فقد خلالها الاحساس بكل شيء، الزمن ، المكان، المحيط، وتعود القضية الى السنوات الاولى للصورة التي مر عليها قرابة 46 عام..
وقد أكد مدير السجن المركزي العقيد مطهر علي ناجي تنفيذ الحكم الذي نفذ بطريقة مفاجئة وقال للموقع نيوز يمن الاخباري: أنه تم تنفيذ حكم الإعدام في ساحة السجن المركزي ، مؤكدا تسليم جثته لأسرته.
وكانت الشعبة الاسئنافية بأمانة العاصمة أيدت حكم الإعدام في آخر فترة تولية القاضي حمود الهتار لها قبل انتقاله إلى وزارة الأوقاف مطلع العام 2007، وذلك بعد أن قضى 39 عاما في السجن فقد خلالها حاسة الشعور بالزمان وفقد الذاكرة، وأيد الحكم الابتدائي بإعدامه دون أن يكون له محام .
والسجين يتذكر حادثة القتل وكان يقول عن قضيته في قتل ابن عمه في خلاف على تركة "تهاوشنا ...قتلته" (أي تعاركنا فقتلته)..
ولم يعد له أقارب يعودونه إلى السجن ولا يعلم أن هناك ورثة يطالبون السلطات بتنفيذ القصاص.
وقد اثار القضية للمرة الاولى الصحفي عبدالكريم الخيواني عندما علم بقضيته وهو معتقل في السجن المركزي بصنعاء (عقب اعتقاله في يونيو 2006) وكتب مقالا طرحه عرض فيه قضية رجل قضى 39 عاما في السجن ثم جاء الحكم باعدامه... مطالبا رجال القضاء والقانون في البحث في صحة اجراءات قانونية مثل هذه ومن المسؤول عن عمر الرجل الذي قضاه في السجن... وحذر من ان الرجل قد ينفذ فيه حكم الاعدام في اي لحظة... وظل الخيواني يتابع قضية السجين الكهل حتى بعد خروجه من السجن مؤخرا في اواخر سبتمبر من عام 2008...

من داخل السجن المركزي.. سجين الرأي عبدالكريم الخيواني يكتب عن اقدم سجين في اليمن
علي موسى:  أبي أروِّح

قبل أشهر أيدت المحكمة الاستئنافية حكماً بإعدام السجين في مركزي صنعاء علي موسى. المثير هنا أن السجين قضى 30 عاماً في السجون. يقال أن الحكم من إنجازات القاضي حمود الهتار قبل مغادرته منصة القضاء إلى منبر الوزارة. لكن المعلومة غير مؤكدة. الرأي القانوني أن التسوية التقريرية للقصاص 10 سنوات سجن.. الحكم من غرائب القضاء والقضاة في اليمن، وما أكثرها، إنما دعونا نتوقف مع السجين، الذي فقد كل شيء، لكنه لم يفقد الاحساس بمغادرة بوابة السجن.
لم يكن يرغب علي موسى بتحقيق رقم قياسي لقضاء أطول فترة عقوبة في السجن، إنما يبدو أنه كذلك، ولعله سيدخل موسوعة غينيس رغما عنه بعد أن خفف الرقم القياسي كأقدم سجين وصاحب اطول فترة عقوبة ربما ليس في اليمن أو المنطقة بل في العالم بعد وفاة الجنرال الألماني (هس).
السجين علي موسى لا يدعي فضلاً في تحقيق هذا الرقم، بل الفضل كله يحسب للنظام القضائي القائم، للقضاة، للنيابة، وإدارات السجن المتعاقبة. أما موسى فغير معني بكل ذلك ولا بنتائجه، إنه خارج إطار الوعي العام، والإدراك، حتى أنه لا يعرف إلى أين يغادر لو سُمح له.
يتفق الجميع أن علي موسى موجود في السجن المركزي بصنعاء منذ افتتاحه قبل حوالي 29 عاماً، جاء إليه قادماً من السجن الحربي، وقبل ذلك من سجن محافظة البيضاء حيث قضى 7 سنوات.
مجموع ما قضاه موسى سجيناً يتراوح ما بين 32 إلى 37 عاماً. لكن علي موسى يقول إنها أربعون عاماً وشهران وخمسة أيام. هذا التحديد الدقيق هو الأجدر بالتوقف عنده، من رجل لا يتكلم إلا نادراً.
علي موسى، رجل في منتصف العقد السادس من العمر، لا يخفي أنه سجن بسبب قتله لابن عمه في «عفار» إحدى قرى محافظة البيضاء. لا تعجبه كلمة «عم» ويجيب بلهجة بدوية كهيئته التي لم يفقدها رغم طول مدة سجنه. لا يتسول، ولا يقبل الصدقة، إنما يطلب من الحارس «قروش».
لا يعرف غير الحارس، ولا يعنيه غير الحارس. لا يعرف القاضي، ولا الرئيس، ولا الوزير.
لا يخاف، ولا يفرح، محتفظاً بهدوئه دائماً، والقرن بادر على محياه، إلا مرة كل عام أو عامين يحضر فيها أخوه (أحمد) يعطيه «معوز» و«شميز» ومبلغ 700 ريال، حد قول أحد قدامى الحراس الذين باتوا يتعاملون مع علي موسى كأحد أشياء السجن المألوفة التي لم تعد تلفت النظر.
قال الحارس: «هذا هو علي موسى الذي عرفته كأقدم «شيء» في السجن المركزي بصنعاء، لم يتغير إلاَّ شعر رأسه ولحيته من الأسود إلى الأبيض، وبطنه المنتفخة غير المتدلية».
فقد علي موسى الاحساس بكل شيء حوله. لا يشكو، لا يتألم، لا يسأل، لا يجيب إلاَّ باقتضاب ومتى أراد، لا يثق بأحد، ولا يصدق بسهولة، ولا يهتم بشيء... لكنه كل يوم يذهب إلى البوابة قائلاً لحارسها أياً كان: «أبي أروِّح» ويتوقف عندها فترة وبين حين وآخر يكرر العبارة كأنها لازمة لا ينساها كلما أقترب من باب السجن المؤدي إلى مكان الزيارة والمغادرة ربما هو بابه إلى الذاكرة والعالم الخارجي، وربما باعتباره آخر معالم ما وراء القضبان. يقول الحراس إنه إذا حارس ما -على سبيل المزاح- رد بالإيجاب على طلبه «أبي أروح» وفتح له الباب، يتراجع علي موسى قائلاً: «أروح أجيب «البطانية» التي لن يغادر السجن بدونها، ولا يعلم احد قصة «البطانية» واهميتها البالغة لدى موسى. وينتهي الطلب والرد في الزحمة اليومية للسجان والسجين ليعاود علي موسى طرح طلبه اليوم الثاني.
«الفروش» من فئات الخمسة والعشرة والعشرين، هي الأهم لدى السجين موسى يذهب إلى أي دكان في السجن ويشتري حليب، بسكويت... ويسلم خمسة، طالباً الباقي. وأما إذا أخذ دجاجة فإنه يسلم الخمسة الريالات كاملة ثمناً لها، وعن طيب خاطر، ولا يمانع بدفع ريال ثمناً لكوب الشاي.. ويرفض أن يأخذ ذلك مجاناً مشترطاً أخذ الثمن الذي حدده، ويقبل الباعة في السجن ذلك عن طيب خاطر متفهمين أن لائحة أسعار علي موسى تعود إلى ما قبل دخوله السجن، حيث توقف به الزمان، والوقت، والاحساس.
لا يمكن القول أنه مجنون، ومن الصعب الحكم بأنه عاقل.
المعلومات تشير إلى أن علي موسى محكوم بالإعدام إنما لا يعلم أحد السر في عدم التنفيذ عند صدور الحكم، ولا يتذكر أحد في السجن ان موسى مثل أمام محكمة، ويعتقد أنه دخل السجن المركزي محكوماً، خلافاً للمعلومة الواردة في المقدمة.
معلومات أخرى تفيد أن ثمة من يأتون بين حين وآخر لرؤية موسى ويسلم، له «مائتين ريال» يعتقد أنهم أولاد عمه، يتأكدون من وجوده. وأما مبلغ المائتين إلى معرفة مدى سلامة تمييزه. سجين قال أن طول المدة لا يعني نسيان الثأر عند «العثيلي»، حد تعبيره. وقال: «من يقول ان القصة لم تعد محل متابعة؟» معلومة محيرة اشارت إلى أن إدارة السجن طلبت من موسى قبل أشهر قليلة البصم على أوراق رسمية يعتقد أنها تخص تنفيذ العقوبة، لكنه رفض وبشدة وقاوم واقتنع لأنه اعتبرها تنازلاً عن ميراثه وأرضه وأملاكه، ولم تجبره الإدارة على التوقيع والبصم، لكن ذلك لا يمنع أن يفاجأ صباح يوم ما بأخذه لتنفيذ عقوبة الأعدام.
وسواء كان علي موسى قد سجن 35 أو 40 عاما فما الرأي القانوني هنا؟ وهل يجوز تنفيذ حكم بعد كل هذه المدة؟ أين القضاء و العدل والنيابة وادارة السجن طول هذه المدة؟ ولماذا سمحت بإهدار حياة انسان؟ من يتحمل مسؤولية ما تعرض له هذا الرجل، ومن يحاسب على الاهمال؟ لا تحتاج إلى دليل على غياب العدل، والإنصاف والضمير والقضاء والادارة، بل وحتى الانسانية في حالة علي موسى. السجناء في المركزي....... تنفيذ عقوبة الاعدام بموسى، وبينما ينشغل البعض بذلك، يبقى علي موسى غير معني أو منشغل بالأمر، حاصراً همه ومركزاً اهتمامه على البوابة و«أبي أروِّح».
ترى أليس اعدام احساسه، والقضاء على حريته 40 عاماً كافياً، جريمة أخرى تضاف إلى سجل الجرائم القضائية والاهمال الرسمي ضد موسى وغيره في وطن الانسان هو الأقل قيمة?!.
 نيوزيمن:
مقال نشر في صحيفية النداء بتاريخ 19/7/2007