محمد الغباري
malghobari@yahoo.com
بحجم الصدمة التي شكلها الحكم الذي صدر بحق الزميل عبدالكريم الخيواني، كانت ردود الأفعال المحلية والدولية؛ لأن الجميع كان يعتقد أن تفنيد فريق الدفاع عن الزميل لما جاء في قرار الإتهام كفيل بجعل المحكمة تنتصر للقانون لا أن تصبح أداة لتصفية الحسابات السياسية.
إذا ما اعتقد هؤلاء أنهم قد وضعوا الخيواني خلف قضبان السجن المركزي، فإنهم واهمون لأنهم بذلك وضعوا انفسهم في قفص اتهام دولي تكشف معه زيف الإدعاء المتكرر عن وجود قضاء مستقل ونزيه وعادل، و لأن المتتبع لمسار القضية منذ بدايتها يدرك عجز النيابة عن تقديم أي دليل يثبت اتهامها للرجل بالاشتراك في تشكيل عصابة مسلحة تدين بالولاء لعبدالملك الحوثي.
حين داهم الأشاوس غرفة نوم الزميل الخيواني واقتادوه بملابسه الداخلية في عملية نوعية لم نشهد لها مثيلاً على جبهات القتال، قيل لنا إنه متلبس بتهمة جنائية خطيرة، إلاَّ انه وبعد جلستي تحقيق تبين أن وجود اسطوانات تحوي لمشاهد من المواجهات في صعدة وصوراً من رسائل للوساطة القطرية وحوار لعبدالملك الحوثي هي كل الأدلة التي سيقت كمبرر لتنفيذ تلك العملية.
وعند النطق بالحكم لم يقدم القاضي في حيثيات حكمه ما يبرر الإدانة الظالمة للخيواني، ولا مبرراً للعقوبة بالغة القسوة التي أنزلت عليه حتى أن من في قاعة المحكمة لم يصدقوا عندما تفوه القاضي باسمه ضمن قائمة المدانين ومدة العقوبة.
حتى ليلة الجلسة المخصصة للنطق بالحكم كنا نعتقد بأن الاحتجاجات المحلية والدولية على استمرار محاكمة الخيواني قد تؤدي إلى مراجعة جادة داخل أروقة الحكم قبل الإقدام على مغامرة إدانته ومعاقبته. وحين سألني الزميل سامي غالب عن توقعاتي جزمت له أن أطراف كثيرة داخل الحكم تدرك عواقب مثل هذه الخطوة خصوصاً وأن الاستهداف السياسي في القضية كان واضحاً منذ بدايتها، وقبل ثانية من النطق بالحكم كانت قناعتي ما تزال كما هي.
الآن وقد ارتكبت مثل هذه الحماقة وأودع الخيواني في السجن المركزي لا ينبغي أن يترك لأطراف في الحكم أن تواصل سياسة الاستهداف والتنكيل بالزميل لمجرد اختلافها معه في المواقف السياسية، ولابد من إطلاق سراحه بموجب الضمانة المودعة في سجلات المحكمة، وماتزال هناك فرصة لاصلاح هذه الفضيحة لدى محكمة الاستئناف.
منذ سنوات وأنا أختلف مع الصديقين سامي ونبيل المحمدي «المحامي» حول انتقاد أداء القضاة والأحكام التي يصدرونها وأقول بشكل مستمر إن افتقادنا للقضاء العادل والمستقل يجعل الآلاف تحت رحمة ذوي النفوذ أكان ذلك في القضايا السياسية أو حتى القضايا التجارية وفي القضايا الجنائية حيث تهدر الدماء تحت جبروت أصحاب النفوذ السلطوي والقبلي.
اليوم وقد تكالبت على الصديقين مصائب القضاة أجدني أكثر جرأة على محاججتهم في موقفي ومطالبتي بأن تسقط كل العقبات القانونية والحصانات التي منحت للقضاة لكي يتسنى للمتضررين من أدائهم وأحكامهم مساءلتهم، لأن السلطة لابد أن تقترن بالمسؤولية وبالقدرة على المساءلة.
الواضح من مسار القضية أن وسائل اخرى هي أفيد من اجتهاد الاصدقاء: هايل سلام، ونبيل المحمدي، ومحمد المداني في حشد كل النصوص القانونية المؤيدة لبراءة موكلهم لأن القاضي لم يعرج عليها حتى من باب الاعتراف بأنهم قدموا ما يلزمهم به واجبهم.
عندما تطرح المعارضة ضرورة أن يصبح رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة عرضة للمساءلة عند مخالفتهم للقوانين أو إساءة استخدامهم لسلطاتهم, فإنه ومن باب أولى أن يشمل هذا الحق مختلف السلطات حتى لايجد طرف من الاطراف نفسه في منأى عن الحساب، وتتحول دعاوى الاستقلالية إلى دكتاتورية من خلالها يتم معاقبة المعارضين وأصحاب الرأي، وتضيع بين ثناياها حقوق ودماء الناس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق