السبت، 1 أكتوبر 2011

الحرية للخيواني وللوطن.. ولكل هؤلاء جميعاً





محمد المنصور


يوم آخر من أيام البلاد المرهقة حد العياء، يبزغ في توجس يلف الكثير من أصدقاء وأقارب الصحفي «عبدالكريم الخيواني» الذي وضعته السلطة نصب عينها منذ أمد. هذه المرة خالفت السلطة كل توقعات وتمنيات من يريدون لليمن صحافة حرة، وقضاءً مستقلاً وعدلاً وحرية، وراحت أبعد من كل تشاؤم سبق مهزلة المحاكمة التي كان الخيواني نشازاً فيها بدءاً وختاماً. كانت المحاكمة/ المحاكمات التي تعرض لها الخيواني منذ العام 2004 والإعتداء والترهيب بأبشع صوره التي طالته حتى غرفة نومه، صورة من صور الحرب التي فرضت على صعدة واليمن منذ منتصف 2004، وطالت في جانب منها من يحملون في جوهرهم رفضاً للحرب، ونشدانا للسلام والاستقرار بصورة حملات الاعتقال والتنكيل والمحاكمات المشكوك في نزاهتها وحيادية واستقلاليتها، بل ودستورية المحاكم المتخصصة وما سبقها من إجراءات وما أسفرت عنه من نتائج، تصب جميعها في مجرى تسييس وتوظيف القضاء، آخر ملاذات الإنسان المواطن أمام جبروت السلطة القامعة، التي تذهب بهذا النوع من (القضاء المتخصص) تارة باتجاه ما سمي بتنظيم القاعدة وأخرى باتجاه الحوثيين، وفقاً لمؤشرات الأحداث في الداخل وامتداداتها الاقليمية والدولية.
بالنتيجة أثمرت عناوين الحرب على الارهاب في بلدان متخلفة -اليمن أولها- ما نراه من تغول لسلطة الدولة ممثلة بالسلطة التنفيذية وأجهزتها على ماسواها من سلطات قضائية وتشريعية منذ أحداث 11 سبتمبر المشؤومة، وتعمقت أكثر بالنتيجة والممارسة في حروب صعدة التي نحن في مرحلتها الخامسة، التي يجمع المتابعون على أنها الأشد فتكاً وضراوة ونتائج كارثية كذلك.
عبدالكريم الخيواني واحد من ضحايا الحرب -الكثيرين- في بعدها الصحفي الإعلامي المناوئ للحرب ومنطقها -إن جاز أن لها منطق- العبثي الذي يقف على خلفيات سياسية -أيديولوجية- دينية- اجتماعية تتشكل منها مفردات الأزمة الفاجعة التي تشخص غياب الدولة الوطنية الجامعة، بنتيجة ما آل إليه مفهوم المواطنة في الواقع السياسي والاجتماعي، وما تعرض له من محق وسحق على كل صعيد.
في شخص عبدالكريم الخيواني يستهدف حكم الجزائية الجائر واللامبرر" حرية الفكر والصحافة، والانتماء السياسي وتستهدف المعارضة السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، ومنظمة الحقوق والحريات التي تتعرض للتنكيل بما تسفر عنه الحرب في صعدة من مآس وكوارث وتشريد وقتل وخراب لا موجب له، وبما يوازيها من أجواء قمع وترهيب، وحملات اعتقال ومحاكمات، وتعسفات وضعت في مرماها: قادة الحراك الجنوبي السلمي (الكاتب الكبير محمد محمد المقالح، الفنان فهد القرني، العلامة محمد مفتاح، العلامة سامي الوزير) وعشرات آخرين لا نعلم عنهم ولا عن أسباب اعتقالهم ومسوغاتها شيئاً.
يمثل الحكم الجائر والعنيف ضد الخيواني عنواناً لمرحلة، لم تعد السلطة السياسية والأمنية تعول فيها على تحسين صورتها أمام الرأي العام العربي والدولي، ولم تعد تأبه لتقارير ومواقف منظمات حقوق الإنسان العالمية.. لأنها كأنها تغلب لغة العنف على من وضعتهم في دائرة الخصومة من صحفيين وكتاب وقادة رأي وأحزاب سياسية.. في حين تعمل كذلك على الاستفراد بما تبقى من مظاهر الشراكة السياسية مع المعارضة (أحزاب المشترك) التي قامت على أساسها الوحدة اليمنية؛ ما يوسع دائرة الأزمة الوطنية الشاملة، وينذر بمزيد من التعقيدات والنتائج الخطيرة. المطلوب عاجلاً في هذا الظرف العصيب الذي تمر به اليمن وضع حد سريع وعاجل للحرب العبثية في صعدة، وإطلاق سراح المعتقلين من قادة الحراك في الجنوب، والإفراج عن المقالح، والخيواني، والقرني، والعودة إلى لغة الحوار والتسامح في الخطاب الاعلامي، وعلى مستوى علاقة السلطة الحاكمة بغيرها من شركائها في المنظومة السياسية، إن كانت ما تزال تؤمن بمبدأ الشراكة في الوطن للخروج من النفق المظلم الذي أوصلتنا إليه مجمل السياسات الخاطئة.
 الحرية لعبد الكريم الخيواني، ومحمد المقالح، وفهد القرني، ومحمد مفتاح، وسامي الوزير، وعلي منصر محمد، واحمد عمر بن فريد، ويحيى غالب أحمد، وعلي هيثم الغريب وكل رفاقهم، وكل المعتقلين ظلماً وعدواناً وتعسفا.. في وطن لم يعد يحتمل المزيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق