الاثنين، 12 سبتمبر 2011

مرة أخرى لعلي عبدا لله صالح "إعقلها وتوكل فورا"




 بقلم: عبد الكريم الخيواني

الاثنين, 21 فبراير 2011 17:28

صنعاء – لندن " عدن برس " -

في مقابلة لرئيس الجمهورية مع صحيفة السفير عام 2005 قال أنه لن يترشح للرئاسة، وكذلك نجله أحمد، وتفاعلت مع كلام الرئيس وكتبت مقالا بعنوان أعقلها وتوكل، طبعا عاد الرئيس وترشح ولم يعقلها ولم يتوكل.
على خلفية ثورتي تونس ومصر، وتفاعل الشارع اليمني معهما، وفيما ترشح اليمن لثورة قادمة، عاد الرئيس وقال لن يترشح بعد حوالي 30 شهرا، وأجل الانتخابات، والتعديلات التي تخلده، ونفى التمديد، والتوريث، ووعد بحكم محلي كامل (الدسم)، ونظام الغرفتين، وحوار مع المعارضة، وكل هذه الوعود الوردية، رافقها نزول أمني مكثف للشارع، وزيارات رئاسية للمعسكرات، ولقاءات متوالية برجال القبائل، وقمع للمظاهرات واستخدام مبكر للبلطجة بالشارع ضد أصحاب المطالب والناشطات والصحفيين واحتلال ميدان التحرير من القبائل بتمويل ودعم قيادات حزب الحاكم الذي اثبت بعضهم انه لا يحسن سوى البلطجة وأستخدام خطاب تحريض مناطقي طائفي ضد أبناء تعز في محاوله يائسة لحرف مسار مطالب الشارع برحيله إلى فتنه طائفيه واستمرارا لنفس سياسة توزيع الاتهامات إزاء المحتجين إذا احتج أبناء صعده فهم رجعيين وإذا احتج أبناء المحافظات الجنوبية فهم انفصاليين وإذا احتج أبناء تعز فهم (براغله) طائفيين، بينما الطائفية والعنصرية والعصبية تهم توزع بقرار رسمي من القصر لأجل البقاء.
مبادرة الرئيس استنفرت السلطة كلها للترويج لها وكأنها المنقذ لليمن وليس الرئيس رغم أن المبادرة ليست سوى رهان خائب على امتصاص غضب المواطنين والانحناء أمام عاصفة ثورتي تونس ومصر واستجابة لنصائح أمريكا والغرب، لكن ما رافق المبادرة من بلطجة مبكرة وتحريض وقمع وصل لحد قتل شابين بعدن وجرح العشرات بمختلف المحافظات، ينفي مصداقية المبادرة تماما وأن الرجل لا يقصد ما جاء فيها.
الرئيس بعد 33 عاما صار مستعصي على أي تفكير بأي أصلاح أو أنجاز أو تغيير، ولن يستطيع إذا بقى بالحكم سوى زيادة الشعب فقرا والشباب إحباطا والبلاد معاناة والسقوط بها لهاوية المجهول، لقد صار بقاؤه رئيسا مشكلة ولم يعد حلا، وهذا كلام معروف ومحل إجماع الشوافع  والزيود والاسماعيليه الشمال والجنوب والوسط ولا يجب أن نغالطه أو نسمح بمغالطته إذا كان فعلا لا يعرف وما اعتقده كذلك، فما يحدث ثورة حقيقية لشعب يعاني الويلات، لهذا أقول له مجددا وأجري على الله، أعقلها وتوكل فورا، وليس بعد كذا شهر، ولا يقولن لي احد الانتخابات والشرعية الدستورية، فالرئيس يعلم قبل غيره حقيقة وجودها من عدمه وبأي قوة هو باقي في الحكم كما نعلم جميعا التذمر الشعبي من الرئيس شخصيا وأن شعبيته وشرعيته ليست أفضل أو أقوى من شعبية أو شرعية بن علي تونس أو حسني مصر، وبالتالي فترك الحكم الآن  أفضل للرئيس وأنجاله وإخوانه وأقاربه وحاشيته وحزبه وللوطن والشعب.
المنطق والعقل والواقع يؤكد أننا في عصر بلوغ الشارع سن القرار ولدى الشعب اليمني أسباب للثورة أكثر من غيره، فساد، فقر، فشل، حروب، قمع، تعذيب، نهب، بطالة، ظلم، استبداد، إحتكار للحكم والثروة، رفض للتداول السلمي للسلطة، تحريض طائفي وعنصري، توظيف شيطاني لتسليط الضحايا ضد بعضهم، والإنفراد بكل على حده لضربه، مستفيدا من قلة الوعي، وضعف القيم، والفقر.
خلال 33 عاما قضاها الرئيس بالحكم زاوج بين التجارة والمسئولية، وأحتكر السلطة والثروة، وكل شيء، حتى الوطنية، فالشعب متهم، بالانفصال، والرجعية والطائفية، والتخريب، والإرهاب، والعمالة الخ... لأن معيار الوطنية الوحيد هو الولاء للرئيس وعائلته.
الرئيس قدم نفسه للشعب يوما على أساس أنه "التيس" الذي قفز إلى الحكم وسط المخاطر، تحول "التيس" فرعونا، وعندما غادر منطق التيس، أصر أن يقبله الشعب بصيغة "الجني" الذي نعرفه، أحسن من.... ولم يعي أبدا أن الناس تخاف الجن ولا تحبهم، وأنها قد تصاب بالذهول حينا، لكنها حين تنطق تقول لهم انصرفوا وتتعوذ منهم، وها هم الشباب الذين ولدوا بعهد صالح، أكثر المحتجين إصرارا وعزما على التغيير ورفض الخضوع للجني.
الرئيس فصل البلد بمقاسه العائلي، واختزل البلد والتنمية والأهداف الوطنية والسياسية والاقتصادية والثقافية في ترسيخ الصالح الدين من جامع الصالح والخير من جمعية الصالح والسكن من مدينة الصالح والأنجال بوابة الإستثمار والرقي والتقدم وحتى تلقين الشعب الوطنية وحب اليمن ويقولون اليمن في قلوبنا وهم يعنون الثروة في (جيوبنا) والأخوة والأنجال هم القادة وأصحاب القرار صلاحياتهم مطلقه لا يحاسبون، وعلى الشعب الصابر أن يردد (ما لنا إلا علي)، في جمهورية العائلة اللتي لم تنجوا من سخرية شاب كالأمير محمد بن نايف حسب وثائق ويكليكس.
اليمنيين يحتاجون التغيير للإحساس بذاتهم وكرامتهم  والانتصار على ثقافة الفساد والفهلوة والكذب والخداع والانتهازية بعد أن غدت النزاهة والصدق والاستقامة استثناء والنزيه مغفل، والصادق لا يفهم والكفوء غبي ولا قيمة لمعايير الكفاءة والمؤهل والإخلاص والجد والعلم والموهبة والنجاح والتضحية.
اليمنيين يحتاجون التغيير لاستعادة الهوية والشخصية اليمنية والتراث والآثار والتاريخ اللتي تدمر وتنهب فيما الاستعدادات قائمه لإنشاء متحف الصالح حيث أستجلب لإنشائه الخبراء من المغرب والأردن وتركيا وسافر فريق لفرنسا، وتنشغل لجنه ضخمه بوزارة الإنشاءات بمواصفات متحف الصالح الذي سينشأ على مساحة مائة لبنه بالقرب من جامع الصالح وبتكلفه ضخمه لاشك تتناسب مع برنامج التقشف الذي أطلقه الرئيس، ولا أظن من يقوم بتجهيز متحف لمحتوياته ومقتنياته وهداياه جادا بأي حديث عن عدم الترشح والتمديد والتوريث بل وحتى الحوار.
قد يقول البعض للرئيس منجزات، نعم ولا يمكن إنكارها والرئيس يدافع عنها باستمرار والإعلام الرسمي يذكرنا بها يوميا، فعدا الإنفاق والجسور والطرق والبوابات، النفط سينضب ولا يعلم أحد كمية الإنتاج الفعلي ولا عرف الشعب نعمته، الانتخابات والتجربة الديمقراطية لم تكاد تبدأ لتنتهي والوحدة أهم منجز للرئيس فينفيها واقع الحال فمنذ تعميدها بالدم تمزقت النفوس وفقد الوحدويون الذين سلموا دوله الشعور بالمساواة والحقوق: طالبوا بالانفصال كرد فعل مباشر على سياسته وممارسات مسئوليه وخاصته بعدما وجدوا أن الوحدة لدى الرئيس لا تساوي 16 نهابا للأراضي بعدن، حسب تقرير باصرة هلال، وأن الوحدة اختزلت بصورة الرئيس ونجله احمد المكتوب تحتها (وحدتنا عزتنا).
التعليم تدهور والصحة، واليمني يعامل بالدونية ويذل عند الجار قبل الغريب بموافقة رسمية وبينما يزداد الفقر انتشارا نسمع عن ثروة الرئيس (الملياريه)، وإخوانه وأبنائه وأصهاره الذي يصر الرئيس انه عينهم بالمناصب العليا لنزاهتهم وحفاظهم على المال العام رغم ما يكشف من صفقات فساد بملايين الدولارات تطالهم.
اليمن لا تحتمل أوضاعها أي العاب، فلم يعد مقبولا المقايضة، الرئيس أو الطوفان، ولا الحكم كممثل لمنطقة أو قبيلة، كما أن الأوضاع لا تحتمل أي ترتيب عائلي، سواء باتجاه احمد أو علي محسن، كما حدث مع عمر سليمان، فالشعب يريد مؤسسات ومسئولين لا يتولون على أساس القرابة والنسب والعصبية، يريد عقليه أخرى مدنية بالحكم، يريد تداول سلمي ونظام وقانون وقضاء مستقل وتكافؤ فرص ومساواة.
الناس ملت الرئيس والشباب لايطيقونه وهم عماد الثورة والجياع والعاطلين والمظلومين بطول اليمن وعرضها يحملونه المسئولية والرئيس يعرف هذا والمفروض انه مل الرقص على رؤوس الثعابين وتعب، لقد كسب الرجل الكثير خلال ال33 عاما ولن يجد الوقت ليستمتع بها وهو يشارف على السبعين شأنه شأن بن علي ومبارك ولعل عليه أن يحاول أن يكون مختلفا عنهما في طريقة تعامله مع الثورة والثوار ولا اعتقده مغلوبا على أمره إذا ما قرر أن يعفي أخوانه وأبنائه وأقاربه من مناصبهم ويترك الحكم بترتيب وطني ديمقراطي ويعيد ما جمع من مال لخزينة الدولة لمساعدتها على النهوض كحق ولو من قبيل التعويض أو الاعتذار وهذا عين الحكمة ومنتهى الذكاء ولن يكون علي عبد الله صالح أول أو أخر حاكم يخرج من السلطة بثورة لكنه سيكون هكذا أكثر حكمة لأنه جنب نفسه وشعبه فارق تكلفة التغيير بس (من يقرأ لعريج خطها).
أتذكر كلاما سمعته من الرئيس عام 99 عندما حدثت احتجاجات على الجرعة السعرية وقام المتظاهرين بإحراق العجلات حينها إجتمع الرئيس بقيادات المعارضة وحضرته معهم وقال في الإجتماع (إن جواز سفره جاهز ويستطيع الحصول على اللجوء السياسي في أي دولة، على عكس قيادة المعارضة اللتي لن تجد من يقبلها) وحذر يومها أيضا من الصوملة والأفغنة باليمن.
من المؤكد أن الاستعداد أختلف كثيرا بالوقت الراهن عما كان عليه في 99 والواضح أن النية قائمة بالبقاء على الكرسي وعدم مغادرته ولو كلفه تبني وتطبيق الصوملة والأفغنة و العرقنة وا لسودنة ,مجتمعة وما شهدته وتشهده صعده والمحافظات الجنوبية والجوف ومأرب أحداثا وتحريضا شواهد على ذلك، وتحريض القبائل اليوم ضد أبناء تعز شاهد جديد على حب البقاء ولو على خراب البلد ولو على عرش من جماجم الأبرياء.
لعل ترك الرئيس السلطة بسلام أفضل بكثير من اللجوء السياسي بدلا من الرهان على قهر إرادة الشعب واستسهال طريق المواجهة والاستهانة بالدماء والأرواح لكن الأخذ به يحتاج توفيقا من الله وأراده حرة وذكاء وفهم للواقع وحسن تقدير واستيعاب للدروس المماثلة وما أكثرها من نميري وما ركوس وتشاوسيسكوا والشاه وبن علي وحسني ورد الفعل الرسمي حتى الآن يقول أن الله تعالى (شل توفيقه) حسب ما يقول الصنعائيون فلا عقل ولا حكمه أوليس الله إذا أراد أن يتم أمرا سلب ذوي العقول عقولهم... وحتى لا يقال أني مفرط بالتشاؤم لنرى الأيام القادمه.
التغيير قادم لا محالة وبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه مخالف لكل النواميس ومستحيل والدعم الخارجي لم يعد قادرا على منح أي نظام شرعية البقاء وتمزيق الشعب وضربه بعضه ببعض لا يلغي المطالب ولا ينسي الناس الحقوق ورياح التغيير هبت على اليمن ولن تتوقف وستقتلع من يحاول الوقوف بوجهها والتصدي لها ومقاومتها والوسائل المعتادة كلها لم تعد تجدي ليس لأنها صارت مكشوفة فحسب بل لأن الناس ملتها كوسيلة إدارة حكم بليد لم يعد قادرا على التطور والابتكار والفهم أما الحكم بالبلطجة والتحريض الطائفي فسؤ خاتمه لا تليق وان أطالت أمد البقاء حينا.
قد تأخذ الثورة باليمن فترة بالمواجهة لكنها ستستمر وستنجح بالأخير بتكاليف غالية وبتضحيات شباب اسقطوا من حساباتهم الخوف من القوة والرئيس وحده يستطيع أن يختصر الأمر ويوفر حياة مواطنيه  ويتنازل لشعبه ويترك الحكم ويوفر تكاليف التغيير لمصلحة بلده وشعبه كنوع من الاعتذار أما إذا تكبر وعاند وأخذته العزة بالآثم فلا يعتقد أن هذا توفيقا من الله أو أنه حسن خاتمه أو أنه سينجو بما يرتكبه البلاطجة او الأمن بالناس أو سيكون أفضل مصيرا ممن سبقه في تونس ومصر  وليتذكر قوله تعالى (واتقوا فتنة لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).
التغيير حتمي إذا ولا مجال للاستمرار والاحتفاظ بالحكم ما عليه سوى التسليم بأن الشعب الصابر رافض لبقائه رئيسا، والفرق فقط في كلفة التغيير واختيار الكلفة بيد علي صالح نفسه وهو من يستطيع تقليل خسارته وخسارة شعبه أو مضاعفة الخسارة والإثم... مره أخيره بصدق وأنصاف ونصيحة لوجه الله أقول لعلي عبدالله صالح أنت تواجه ثورة وسخط شعبي: "أعقلها وتوكل فورا".. ولو فعل ربما يكون ذلك أفضل ما فعله خلال فترة حكمة الطويلة جدا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق